-->

رواية ( بنت الوادي) الفصل السادس العشرون

 


#تخطيط_ماكر

البارت السادس والعشرون

**************

من قال إنّ الحب في لحظة يضيع، من قال إنّ الورد يذبل في الربيع، فالحب هو دفء القلوب، والنغمة التي يعزفها المحبّون على أوتار الروح، هو شمعة الوجود، وسلاسل بلا قيود، ومع ذلك يحتاجه الكبير قبل الصغير، فالحب لا يولد بل يخترق العيون كالبرق الخاطف المجنون، فهو الشفاء للروح من الهموم


ظلت فرحه تنظر الي فريد بذهول ونهضت عن ساقة وسألته بريبة وحيرة تتاكلها:

انت عملت كل ده علشان تتجوزني،  لكن نسيت انت خطفتني من خطيبي اللي كان بيموت عليا

طيب ليه مجتش وكلمتني دوغري، علي كده اتفقت مع مامتك تغصب عليا بحجة أنها تعالج ابويا صح


لاحت نظرة حزينه في عين فريد لشكها في نواياه نحوها، هو ليس بخاطف او سارق، لكنه عاشق، كيف لا يكون اناني فيها وهي قدره ومعشوقة قلبه:

نهض من جلسته واقترب منها امسكها من كتفها وقال بنبرة حزينه وحادة؛

بصي في عيني وقولي اني خطفتك يا فرحه، قول ان سعادتك مش معايا وراحت بالك وقلبك اللي بقي ملكي وسلمتيه انت برغبتك ورضاكي


تنهد بقوة ثم زفرة أنفاسه الثقيله الجاثمه علي صدره واكمل بنفس القوة والحزن:

مش هنكر اني بسببك أخطأت لاني تعديت علي اخ مسلم، لا يخطب مسلم علي خطبة أخيها المسلم

لكن مين فين مش خطاء، لو غلطي في حق فاروق يساوى سعادتك  وسعادة قلبي وروحي فأنا بتحمله، 

بطيب خاطر، يا فرحه انت طيفك فضل سبع سنين بيطلردني، مسالاتش نفسك ليه

علشان لما ربنا يجمعنا بيكي، مسمحش لذنب يغفر يبعدك عني، انت نفسك طلبتي متخلاش عنك

ثم اسالي نفسك، قبل ما تحاسبيني، كنت هتبقي سعيدة مع فاروق لو جوابك اه

هسالك انا ليه معرفتش اكون سعيد مع غيرك، سوسن كانت بتعشقني ورغم كده مقدرتش أحس بيها

فضلت زوجتي اربع شهور بدون أي رغبة ليا فيها، حتي لما بقت مراتي، علاقتي بيها كانت مجرد حقوق عليا بلبيها علشان اكسب رضي الله

لكن انت كنت حاجه تانيه من اول يوم اتمنيتك حتي لما رفضتيني قلبي وجعني لكن صبرت نفسي بأن العمر قدامنا ومش العلاقة  بس هي أساس الزواج

استكفيت بيك مراتي وفي بيتي وقدام عيني لحد ما ترضي كل ده وتقولي خطفتك

لو فعلا عايزه تكوني منصفه افتكري سعادتي وفرحة قلبي لما بتكوني في حضني وصبري عليكي


صمت فجأة وترك كتفها وأولاها ظهره، شعرت فرحه بانها طعنت كبرياءة وجرحت قلبه، فهي تعلم بانها. اذا تزوجت فاروق ما كانت قاست كم قاست لتنال حبه لكنها لن تكون سعيدة بقرب كم هي الان،

فهي عشقت زوجها حتي النخاع وليس عليه ملامه ان دافع عن حقه فيها حتي ان جرح ابن عمها فهو واحد وهم اثنين فجرحه اهون من جرحهم سويا!


دنت منه واحتضنته من ظهره، ومالت برأسها عليه وقالت بعشق  لا يراف بروحها او قلبها:

حقك عليا يا فريد، انا فعلا كتير كنت بستغرب ازاي بتكون سعيد معايا، واقول معقول بحبني

لدرجة اني قبلت اكمل معاك علشان بس احس  سعادتك اللي يشوفها لما بتكون معايا

وده كان بيكفيني لكن دلوقتي فهمت وعرفت أنه كان عشق صعب انك تتنازل عنه أو تخسره زي ما انا مستحيل اتنازل عنك او حد يشاركني فيك لاني بغير عليك موت وبجنون ، ويشهد عليا ربنا هروبي منك لغيرتي من مشاركة سوسن ليا فيك


استدارت  باسمًا وضمها الي صدره بعشق وقال:

وانا بعشقك يا فرحه، وكان مستحيل اتخلي عن حلمي بانك تكوني مراتي يا قدري الجميل


رفعت راسها اليه فباغتها بقبله شغوفه، تعمقت وإثارة  رغبته نحوها وشعرت فرحه باحتياجه اليه، لكنها قاومت رغبته فيها ، وتمسكت بان تعرف كل أسرار زواجه بها وكيف تفادى وجود سوسن فقالت بنزق:

اصبر يا فريد هو انا ههرب منك ، 


نهضت من الفراش الذي ألقاها عليه بعد أن حملها بتملك، وبدأ ينثر قبلاته علي جسدها وثغرها الذي التهمه باشتهاء، زفر فريد بحدة  وقال بنزق:

مشتاق ليكي يا فرحه قلبي، تعالي راضي جوزك المشتاق، بقيتي جافه أكثر من الاول، وعندك القدرة انك تصدي رغبتي فيك،


قطبت  فرحه من بين جيبناها وشعر فريد بحيرتها بين شوقها اليه ورغبتها في أن ترضيه وتنعم بعشقه وحبه وبين أن تعرف كل مخططاته لزواجه منها،

أشفق عليها من هذه الحيرة وأشار الي الفراش بيده لكي تاتي وتجلس بجواره وقال:

تعالي يا مغلباتي ومشوقاني ليكي، اقعد جمبي هنا وقوليلي عايزه تعرفي ايه بس اعملي حسابك مفيش خروج من الاوضة دي غير لما تعوضيني شوقي ليكي


جلست بجواره وقبلته هي وكانت حركتها مدعاه للراحه والأمان  الذي تشعر به نحوه، فاطمئن قلبه بانها أخيرًا سينال السعادة الذي ينشدها معها، مالت علي صدره العاري وقالت بخفوت:

فهمني ازاي قدرت تتخلص من سوسن،  وليه اتفقت مع مامتك تكلمني وتساومتي ومجتش كلمتني انت


ضحك فريد بمرح جلي وامسكها من ذقنها وقال:

اكلمك في ايه، انت مستوعبه بتقولي ايه، يا فرحه انت رميتي شبكتي الالماظ علشان خاتم خطيبك الدهب، كنت عايزاني اقولك ان طيفك بيطلردتي وانك حلمي وحب حياتي، 

انا واثق لو قولتلك كده كنت هترفضي وتهربي مني علشان تراضي ابوكي وتتجوزي اين عمك اللي ملهوش اي مكان في قلبك من الاساس

بس رضاكي لابوكي  عندك كان هو  همك،  اظن مش هتنكري دي كمان 


هزت راسها بالنفي تاكيدًا علي حسن ظنه، فابتسم فريد وقال بهدوء موضحًا:

كده خلصنا من حكاية اجي ليكي دوغري لانه مكنش ينفع، ام اتفاقي مع ماما احب اقولك مخصلش، ماما اختارتك بناء علي ثقتها فيكي 

وده اللي خلاني اطلب من سوسن متحضرش الفرح من ثقتي في اختيار ماما ليكي انت بالذات بمساعدة عادل اللي قفلها في وشها وخلاها تفكر فيكي كحل أخير وبدون عواقب


رفعت  فرحه راسها عن صدره ونظرت الي  فريد  بصدمه غير مصدقه ، انه هو الذي دفع أمه كي تساومها علي صحه ابيها وتطلبها له زوجة  بطريق  غير مباشر فسألته بريبة:

ازاي قدرت تخليها تثق فيا لدرجة أنها تطلبني زوجة ليك وجالك منين اني هوافق، وسوسن كان رد فعلها ايه علي جوازك مني 


اخذ فريد نفس عميق وبدأ يقص علي فرحه ما حدث بينه وبين سوسن وكيف استطاع إقناعها بعدم القدوم الي مصر لاشهار زواجهم


بعد ما رجعت بليل واطمنت من وجودك بدأت أرتب أفكاري علشان اقنع سوسن وماما بزواجي منك، 

صحيت بدري كالعادة واتصلت بسوسن اطمن عليها وامهد ليها  عدم حضورها 

اتصلت بيها وانتظرت ردها كثير  لان بسبب فرق التوقيت كانت لسه مصحيتش


أخيرًا ردت عليه بخمول وتثأب:

فريد حبيبي انت صحيت بدري كده ليه الليلة فرحنا 

الواجب تنام وتشبع نوم علشان نسهر سوا ولا ايه


رد فريد بامتعاض:

انت عارفه نظامي بحب اصحي بدري، وكمان حبيت اطمن عليكي، ها الوضع عندك ايه


ردت سوسن بحماس:

الوضع ممتاز قدرت اقنع بابا  بإلغاء الخطه والموافقة علي جوازنا مقابل انك تعوضه، انت قولتلي أن المال مش مشكلتك لكن الأهم يكون  الود سائد بينا


صمت فريد طويلًا فقد اعتمد علي رفض ابيها كوسيلة لتأجيل اشهار زواجهم، لكنه لم ييأس  توصل الي حل سريع من هذه المعضله، فقال لها:

الف خسارة يا سوسن ، ياريت  عمي كان قبل نحل الموضوع من زمان بدون خداع وغش، لكن دلوقتي خلاص مبقاش ينفع حتي جوازنا مش هقدر اشهره


سالت سوسن بلهفه وقلق:

ليه بتقول كده يا فريد، وليه مينفعش نشهر جوازنا

ولو علي كلامك ده هتعمل ايه في الوصية اللي بتلزمك تتجوز قبل عيد ميلادك، هو حصل ايه يا فريد لكل ده ممكن تفهمني


بصوت واثق نابع من عشقه لتلك الجميلة بنت الوادي  ردت عليه قائلًا:

ماما اكتشفت مؤامرة عمي، ومش طايقة سيرتك، حتي لو كان جوازي منك السبيل لتنفيذ الوصية

للاسف يا سوسن جوازنا هيتاجل اشهاره لحد ما اقدر اقنع ماما انك مظلومه 


اطبق الصمت التام علي جهة الاتصال ، كان من كان سوسن فارقت الحياة، فجأة اخذت نفس عميق مع انتخابها بصورة مفاجأة جعلت قلبه يشعر بالألم لأجلها لكن ماذا يفعل ومن تتمناها ستضيع منه، هل يخون قلبه من أجلها، ام يصارحها ويتركها الي نصيبها مع غيره، لكن كيف وهي من حافظت له علي ثروته تلك الثروة الملعونه بالحقد والكره، والطمع

اخذ نفس عميق ثم زفر بقوة وقال:

سوسن ارجوكي اهدى، ماما محتاجه وقت بس تفوق من الصدمه، واوعدك اشرح ليها موقفك واكيد هتسامحك وتتقبلك، بس المشكلة أن مضطر اتجوز 

علشان أراضيها وارضي جدي 


وقع صدى كلمة زواج علي مسمعها كالرعد وصرخت بعويل:

تتجوز يعني ايه تتجوز، معقول هتتجوز عليا يا فريد

ليه طيب ما تقدر تظهر قسيمة جوازنا وده كفيل  بتنفيذ الوصية من غير ما تتجوز واحدة تانية تشاركني فيك، فريد انا هموت لو حد خدك مني

انا مراتك ومن حق مامتك تعرف واظن جوازنا خير دليل علي براتي من المؤامرة عليك


ارتبك فريد من قوة حجتها ، لكنه بذكاء استطاع إقناعها بما يريد لكي ينال ما يصبو اليه:

يا سوسن مبقتش الحكاية حكاية براءتك،  المشكلة بقت في ماما، هي رفضاكي بسبب أفعال عمي، حتي لو جوازي منك دليل علي براءتك هي مش طيقاكي، الافضل أراضيها دلوقتي وبعدين أقنعها اني بحبك ومقدرش استغني عنك، وبالذات اني نفذت الوصية بجوازي من أي واحدة علشان نفوت الفرصه علي عمي، ارجوكي يا سوسن ساعديني، 

انا عارف اني بظلمك بس انت عارفه كويس ان اللي حصل بينا كان لحفظ حقي في وصية جدى، وجوزي تم تحت ظروف معينه، يعني الجواز منك مكنش هدفي،انا مش قاصد اجرحك بس لازم تفهمي جوازي منك كان لهدف واضح لكن بقي أمر واقع

انا ملزم اتقبله لكن مش علي استعداد اخسر حبي الوحيد بسببها والتزامي ليكي قائم زي امي بالظبط


زاد بكاء وانتخاب سوسن تمني فريد وقتها أن يكون بجوارها الان كي يحتوي حزنها، ويخفف عنها وطئ حديثه المؤلم لها، لكن ليس بيده حيله فالقدر جمعه بمن يعشقها قلبها، ولن يتخلى عنه من أجل زواج لم يتقبله أو يرغب به ، فقال لها ممهدًا:

اهدي يا سوسن دي فترة وهتعدى، ده غير لاز تطمني انا هكتب الكتاب وهسافر اكمل دراستي، وانت ابقي تعالي ليا ع انجلترا، وأما ماما تهدي اوعدك اكلمها وافهمها موقفك

المهم دلوقتي تجنبًا ان والدك يكشفك ووقتها يغضب عليكي، بلغيه اني رفضت عرضه وانك هتوافي تنفيذ خططها وتقفلي الموبيل بعد ما تتاكدى أن الوقت بقي غير متاح للزواج من واحدة تانيه

وانا هتصرف وبعد ما استلم الميراث هشوف طريقه اقنع عمي بجوازنا وأظهر براءتك لماما:


كفكفت سوسن دموعها التي لم تتوقف وردت عليه بريبة وقلق من القادم:

يعني مش هتتخلي عني يا فريد، وحياة طنط امتثال بلاش تاخدني بذنب بابا انا بعشقك يا فريد


ابتسم بارتياح فقد نال مبتغاه، واقنعها بالعدول عن السفر إلي مصر واشهار زواجهم، فختم حديثه قائلًا:

متقلقيش يا سوسن انا مش هتخلي عنك، بس ياريت تسامحيني في زواجي عليكي، من حقك ترفضي 

لكن من حقي اتجوز، قلت ايه


وافقت سوسن مرغمه فليس بيدها حيله، فابيها بدأ كل هذا وكانت هي الضحية:

عاد فريد الي واقعها ونظر الي فرحه المصدومه من ظلمه البين لابنة عمه في سبيل الزواج بها 

ضمها فريد اليه كي يعرفها أن عشقه لها جعله يجرح غيرها وهذا سبب انها دائما ما كان يقول  لها بانه خذل زوجته الاولي وظلمها،, فقال لها:

عرفتي ازاي اتخلصت من سوسن وقد ايه انا ظلمتها، رغم انها كانت عرفه سبب جوازي منه، لكني مش بعفي نفسي من الخطأ ولا بحط راسي في الرمل زي النعامه، وأهرب من مسؤوليتي

يمكن ده كان سبب من اسباب اني تركتك في انجلترا تحت عين رجالتي وفضلت جنيها لكن للاسف ماتت وانا بعيد عنها، في اليوم اللي اتخليت عنها فيه روحه فاضت الي ربها كانها كانت بتتشبث بالحياة بوجودي 


ترك فرحه حضنه وبكت علي سوسن من قلبها، فالان فقط شعرت كم ظلمتها بغيرتها علي فريد منها، ورفضت أن تعيش معها في وجودها

لامت نفسها فهي كانت باخر أيامها واحتاجت الي حبيبها وليس زوجها فزواجه منها كان اضطراري وليس زواج بالمعني المفهوم،

تقدم منها فريد وكفكف دموعها التي زرفتها دون ان تدري وضمها الي صدره وقال:

سوسن في مكان احسن منا، ومرضها كان كفارها ليها هي سابتنا بعد ما تركت لينا موروث كبير من الحب والتضحية، هيفضل اثر طيب وذكري عنها متتناسيش

المهم  من كل ده، حبيت اوضح انا ازاي تعبت لحد ما بقيتي زوجتي، وباكد تاني

ان انا استغليت ثقة ماما فيكي علشان اخلي عادل يخوفها من زواجي لاي واحدة، بالذات ان كان عندي معرفه بمرض والدك ياما طلبت منه  أنه يتعالج يعني

ماما متعرفش اي حاجه عن رغبتي بالزواج منك

اوعي تحسبي انها ساومتك ده كان مهرك مع بيت جديد ليكم وقطعه ارض لوالدك يستقل بالعمل فيها،


ابتسمت فرحه بسخرية:

للاسف كان مهري وضاع المهم كلمني بعد ما والدتك اقنعتني انت بقي اتصرفت ازاي


ضحك فريد بصوت صاخب وقال:

بردك بتهربي باسئلتك من عشقي، حاضر يا فرحه انا هجاريكي لحد ما اجيب اخرك 

اسمعي يا ست مجرد ما عرفت بموافقتك، طلبت من عادل يطلع ليكي شهادة ميلاد، وانا استغليت  الفرصه

وطلبت  منه يطلع ليكي صور علي صورة استمارة النجاح في مدرستك لان صعب اطلب منك صور للجواز، غير صور القسيمة اللي اتصورتها قبل كتب الكتاب، ولما عادل جابهم  بعتهم لصديقي يخلص ليكي جواز السفر، والتاشيرة، 

ونزلت بنفسي اختار شبكتك، اللي رمتيها بغباء لانك حسبتيها بتاعة سوسن لكن اتفضلي


اخرج من أحد الإدراج فاتورة من تاريخ يوم زواجهم باسمها وفيها وصف كامل للشبكتها

تناولت منه فرحه الفاتورة وقراتها وقلبها يتراقص بفرحه فهو كان يفعل كل شئ من أجلها 

فعادت وسألته بحيرة:

طيب في حاجه محيراني، لما انت عارف ان انا زوجتك ليه حسيت بصدمتك لما رفعت الطرحه عن وشي ليلة الفرح


ضحك فريد وعاد وضمها اليه:

فعلا اتصدمت بس من جمالك، عارفاك جميلة لكن انت كنت صارخة الجمال بهدوء يسرق العقل، خفت عليكي من عيون اصحابي ورجعت الطرحه لما طلبو ابوسك، اخدتها حجه علشان امنعهم من النظر ليكي وأنهم يحسدوني عليكي 


لاحت ابتسامة ثقه وغرور من أن زوجها يراها جميلة

فهي تعلم بجمالها، لكن كونه هو يعشق هذا الجمال فهذا ما جعلها تشعر بالسعادة والفخر ويتملكها الغرور

مالت علي صدره وقال:

كمل بعد ما خرجت من الفرح عملت ايه ورتبت لسفري معاك ازاي، رغم انك  كذبت عليا وقلت إنك هتحاول تضيفني ع الجواز وانت مرتب كل حاجه


اخذ بيدها واجلسها امامه وبدأ يقص عليها ما فعل بعد ليلة زفافه:

عقب انتهاء حفل الزفاف أصر فريد علي أن يرافق أصدقاءه كي يحتفلا معه  بليلة زفافه قبل سفرهم،

دخل الخمس أحد الملاهي الليلة التي لا تخلو من الفتيات الكاسيات العاريات، واجود انواع الخمر، نظر فريد الي الجو المحيط به وسألهم بريبة وضيق:

سؤال يا دكاترة احنا ليه


رد عليه أحدهم:

جاين نفرح بيك ونأهلك لليلة زفافك يا عريس،


غمغم فريد بضيق ونظر باشمئزاز الي الفتاة التي دنت منه وطلبت منه أن ياتي له بكاس من الخمر، ابتعد عنها بنفور واستقام مهندمًا بدلته وقال:

اسف يا شباب مش علشان نفرفش وننبسط نخسر دينا، انا بعتذر منكم مش هقدر استمر معاكم في المسخرة دي عن اذنكم،


امسكه عادل من ذراعه وقال له ساخرًا:

مالك بس يا دكتور أصحابك عايزين يعملوا معاك واجب، دي ليلة في العمر، بقولك ايه بلاش خمره خدلك كاس بيره يدفي قلبك 


اخطفت عادل أحد  الزجاجات المشبرة ومدها اليه دفعها فريد بعيدًا عنه وصاح فيه بغضب:

عادل الزم حدود، انا مش بشرب مشروبات لا روحية ولا كحولية ولا طاقة، وانت عارف عني كده كويس

واظن كفاية سخافه لحد كده انا ماشي


ضحك اصدقاءه وهم يرونه يصبو الي المغادرة فقال له أحدهم:

يا عم اهدى علي نفسك شويا، العروسة مش هطير، اقعد معانا شويا دي ساعة الحظ متتعوضش


تهكم فريد ورد عليه ساخرًا منه:

دي مش ساعة حظ ده بداية الطريق لجهنم، انا مش مستعد بدل ما ادخل دنيا برضا الله اغضبه


قطع حديث علي اثر رنين هاتفه، آخرجه من جيبه ورد بلهفه:

دكتور خليل خير بتتصل بيا ليه دلوقتي 


إجابة الطبيب بتردد:

اسف والله يا فريد بيه، عارف ان الليلة ليلة زفافك

واستغربت انك مكنتش مع والدتك وقت نقلوها للمستشفي، بس الواجب يحتم عليا ابلغك أن الهانم مصابة بجلطه في القلب


خرج فريد مسرعًا من الملهي دون أن يوضح لأحد من المتصل به الذي جعله بتوتر هكذا،

اخذ عادل ينادى عليه وحين لم يعيره انتباه اسرع خلفه محاولًا اللحاق به لكن فريد كان استقل سيارته وانطلق مسرعًا الي المستشفي الاستثماري الخاص بعائلته، 

وصل إليه في زمن قياسي، ودلف مهرولا الي غرفة الطبيب وسائلًا عن وضع أمه:

طمني يا دكتور ماما عامله ايه دلوقتي، والجلطه لحفتوها ولا لاء 


أشار إليه الطبيب كي يجلس وقال له:

اقعد يا دكتور فريد  والدتك بخير، بس هتفضل في الرعاية معانا لفترة، والحمد لله لحقنا الجلطه وكل شئ تمام وتحت السيطرة 


اخذ فريد نفس عميق واخذ يردد:

احمدك يارب احمدك يارب، لو سمحت يا دكتور ممكن اشوفها 


هز الطبيب راسه موافقًا ونهض من خلف مكتبه لكي يذهب معه وأثناء خروج سأله:

انت كنت فين وقت اصابته كنت عايز اعرف السبب، 

ومين البنت اللي جت معاها انا اول مره اشوفها، ومش عارف اتصرف معاها ازاي


ساله فريد بحيرة وتعجب:

بنت مين دي اللي كانت مع ماما، وهي فين


اقترب من غرفة الانعاش وأشار إلي فرحه التي تميل برأسها علي الحائط وتبكي 

ارتد للخلف حتي لا تراه وقال محدثًا  الطبيب:

ايه اللي جابها هنا، هي لوحدها ولا معاها حد


رد عليه الطبيب بنفس حيرته:

لا كانت معاها لوحدها ووالدتك اول ما فاقت طلبت تكلمها الواضح أنها كانت معاها وقت الازمه

ها تحب احجز ليها جناح مرافق للوالدتك لحد ما تفوق ولا اتصرف معاها ازاي


غمغم فريد بحيرة وتخللت أصابعه خصلات شعره الناعم يفكر ماذا يفعل مع  فرحه الي ان مرت امامه احد الممرضات التي كانت مسؤوله عن جده فسألها:

مدام سهام حضرتك مروحه دلوقتي 


إجابته بالايجاب:

ايوه ياكتور فريد تامرني باي. حاجه


ونفس الصعداء وقال:

البنت اللي عند غرفة الانعاش شويا وهتخرج عايزك تاخدبها وتوديها الفيلا علي انها خدمه منك بما انك كنت بتجي لجدى فيها، هي ما هتصدق حد يروحها لانها متعرفش حاجه هنا اتفقنا،


اؤمات برأسها بالموافقه فأخرج فريد مبلغ من المال رفضته بشدة  لكنه أبلغه قائلًا:

ده مش ليكي ده علشان تاخدي ليها عربية مخصوص توصلكم للفيلا ماشي


قبلته الممرضة علي هذا الأساس وانصرفت تجهز نفسها مع بعض اصدقاءها للانصراف

ساله الطبيب بريبة:

ليه يا دكتور فريد مدام تعرفها متاخدهاش معاك وانت مروح بدل اللفه دي


تنهد فريد بنفاذ صبر:

معلش طاوعني يا دكتور، هي عارفه اني في حفله مع اصدقائي،  وانا مش ناوي اروح  الفيلا إلا علي ميعاد طائرتي الا لو حالة والدتي في خطر


أكد له الطبيب أن حالة والدته مستقر جدا ولا يوجد أي خطر يحاق بها، تنهد فريد بارتياح وقال له:

تمام المطلوب منك دلوقتي تروح للبنت وتطلب منها مغادرة المستشفي، لان ممنوع المرافقين 

وسهام هتقوم بالواجب باذن الله وتوصله بالسلامه للفيلا وكده ابقي ارتحت من عبء مواجهتها


استغرب الطبيب ارتباك فريد من مواجهة تلك البريئة 

لكنها وافق علي طلبه وذهب اليه واقناعها بالذهاب،

خرجت وهي محتارة كيف تعود إلي الفيلا

الي ان تقدمت منها سهام ونفذت خطة فريد كم يجب، فاطمئن قلبه وعاد الي غرف الانعاش طالب من الطبيب زيارة والدته

*******

ظل فريد وقت طويل بجوار فراش والدته بحادثها 

ويشكرها علي أنها جعلت حلمه حقيقي وتزوج من طاق اليه قلبه وعشقها بجنون وتمناها زوجه له

دلف اليه الطبيب وطلب منه المغادرة هو الآخر :

اسف ياكتور فريد بس وجودك ملهوش لزمه، زي ما حضرتك شايف والدتك مش هتفوق دلوقتي 

ده غير واضح علي ملامحك الاجهاد، روح ارتاح ساعتين قبل سفرك

واوعدك كل يوم هتصل بيك واديلك تقرير عن حالتها


زفر فريد بحدة ووافق مجبرًا قبل راسها ووعدها بالحفاظ علي هديته له  وأكد علي الطبيب قائلًا:

دكتور خليل ماما في امانتك لو حصل اي مضاعفات

او تدهور في حالتها اتصل بيا فورًا 

وافقه الطبيب وطمئنه علي ذلك،.......


غادر فريد المستشفي متوجه الي احد العمارات،دلف الي المصعد وعند الطابق العاشر توقف وخرج منه قاصدًا احد الشقق ضرب الجرس وانتظر ان يفتح:

فتح الباب رجل في العقد الثالث من العمر، رحب بفريد وطلب منه الدخول،

دلف فريد و قف وسط الغرفة وسأله بترقب:

خلصت كل حاجه زي ما طلبت منك ولا لاء


اخرج الرجل بعض الأوراق وجواز سفر من ضمنهم وقال بثقه وفخر:

بقي فريد بيه يطلب حاجه واتاخر عليه، اتفضل جواز السفر وكل أوراقها الخاصه  وبطاقتة الشخصية


تفحص فريد الاوراق وسأله بريبة:

فين تذكرة السفر لانجلترا، مدام خلصت الاوراق


ضحك الرجل بمرح وقال:

بافريد بيه انا ليا سلطه علي شغلي بلدى، لكن الموافقه علي السفر والتذاكر دي محتاجه وقت شغل روتيني بحت،

باذن الله الساعه ٧ هكون في السفارة لاخد التأشيرة 

واجيب لحضرتك التذكرة، 

يعني علي ٨ هتلاقي كل حاجه معايا في المطار متقلقش ليا صديق داخل السفارة هيخلص كل حاجه


اخذ فريد نفس عميق وهو ينظر الي صورتها في جواز سفره وابتسم بسعادة فسأله الرجل:

انت مهتم بالبنت دي ليه، هي تقربلك ايه يا فريد بيه 


غامت عيناه وشرد للحظة ورد عليها بهدوء :

تبقي مراتي وهاخدها معايا انجلترا علشان نبدا حياتنا بشهر عسل طويل


طالعه الرجل بتعجب وعاد وسأله:

مراتك طيب  ليه مبلغتنيش كنت ضميت  ليها صفتك كزوج علي جواز السفر وبكده كان سهل جدا  ناخد التأشيرة 

رد عليه فريد بقلة حيلة:

للاسف القسيمة لسه مطلعتش، لأني لسه كاتب كتابه عليها من ساعات،

المهم أنا ماشي دلوقتي لان الوقت اتاخر، وقبل ما اروح المطار هتصل بيك اطمن علي كل حاجه لانها لو مسافرتش معايا انا هاجل سفري ومش هرحمك


اجابة الرجل وأكد له أن كل الاوراق والتاشيرة والتذكرة سيكونو جاهزين قبل وصوله للمطار،


انصرف فريد من عنده وهو يرتب أفكاره ويبحث عن ماذا يقول أو يفعل من أجل إقناع فرحه بالسفر معه الي انجلترا لعدم إمكانية تطليقها، 

*******

ابتسم لها فريد بعدما انتهي من قص عليها ما حدث قبل العودة إلي الفيلا وضحك من دهشتها قائلًا:

مصدومه اكيد، بس في حقيقه لازم تعرفيها، انت مكنش عندي نيه أتمم زواجي منك

كل خطتي انك تفضلي علي ذمتي واضيع علي فاروق فرصة جوزه منك علشان اقدر اقنعك بهدوء

وبدون اي ضغط أو التزام نحو حد

لكنك عصبتيني لما رجعت ولقيتك مصره ع الطلاق،

الاول اتحججت اني سكران وطلاقي ليكي غير جائز

ودخلت الحمام اخد شاور وافكر بطريقة اقنعك بيها تفضلي مراتي حتي لحد ما اخلص واطلقك لو مصره

خرجت قبل ما اخد حمامي وسألتك

ايه ميزه ابن عمك اللي يخليكي تفضلينه علي الجواز مني وصدمتيني بانك قلعتي دبلتي الالماظ وشبكتي علشان خاتم ولا يساوى شئ

وقتها عرفت اني مستحيل اقدر اقنعك مدام عندك قناعه أن الرضا أساس السعادة مش المال

واستغليت الفرصه وتمم جوازي بيكي، لكن لما لمستك وكان بين علاقة حميميه فهمت يعني ايه روح بتلاقي روح ويكملو بعض

انا معاكي دخلت دنيا وردية جميلة، رغم أن دخلت دنيا قبلك مع سوسن لكن معاكي غير 

واتاكدت انك قدري وروحي رغم انك كنت رفضاني

بس الغريب انك استسلمتي لعشقي اول ما لمستك مكنش في منك اي مقاومه، واستمتعت معاكي لدرجة اتلهفت لتكرارها علشان تصدميني بلسانك اللي عايز قطعه باني اتجوزتك لتلبية رغباتي وخدمتي فاكرة يا مدام 


نكست راسها خجلًا منه فهو فعل كل شئ للحفاظ عليها لكنها عاندت قدرها وعذبته معها فقالت له اسفه:

حقك عليا يا فريد بس انا كنت هعرف منين حبك، وانت اتجوزتني بالحيله وفرضت عليا جوازنا بالخداع  وسفرتني معاك انجلترا بالمكر 


شدها اليه وبدا يخلصها من ملابسها وقال برغبة:

وانا بقي هخلص منك كل ده، وهسامحك علي خيانتك ثقتي فيكي وهروبك من حضني بعد ليلة عشق دخلتينا فيها الجنه وتأني يوم رمتيني في نار جهنم بغدر بيا وهروبك مني 


لم يعطي لها فرصه للرفض او المجادلة معه أكثر من ذلك فقد اضناه الشوق، فاغدق عليها بالقبلات  الحارة والاحضان الساخنه وسرقها الي عالم خاص بهم وحدهم لا يعرفه الا العشاق، لتعيش بين يداه مذاق اخر من العشق حرمت نفسه منه بغباء


مضي بينهم الوقت ولم ينتهي فريد من عشقه له فشوقه اليها تخطي حدود العقل

لم يتركها ترتاح منه إلا حين سمع طرقات خفيفه علي باب غرفته فسأل بضيق وحده :

ايوه مين، انا مش قلت مش عايز حد يزعجني


ردت عليه أحد الخادمات:بارتباك من حدة رده 

اسفه يافريد بيه بس الاستاذ عادل تحت ومعاه انسه جاكلين وعايزين حضرتك انت والمدام


تافف فريد  وزفر بضيق:

تمام قوليلي ينتظرني وخليه يتصل برشاد ع ما أنزل


ردت عليه باحترام:

حاضر يا بيه


عاد وضمها الي أحضانه لكي يكمل ما كان يفعل دفعته فرحه في صدره برفقه وقالت بانهاك:

فريد كفاية الليل قدامك هكون معاك براحتك، قوم ننزل لجاكي علشان ابعتها تجيب الاولاد ايه مش وحشيناك تاخدهم في حضنك وتخلي مامتك تفرح بيهم هي ومامتي وتباركهم


زفر فريد بحدة وحاول سبحها الي أحضانه لكن رغبتها بان تعرف اولادها الي  امها وحماتها كان هو الدافع لرفضها المكوث في حضنه والاستسلام الي رغبته فيها التي أصبح صعب السيطرة عليها،

نهض فريد من الفراش وسحب روبه وارتداه وقال بحنق وغضب مستتر:

مفيش فايدة بتعرفي تقتلي الأوقات الحلوة بينا اتفضلي يا هانم قومي خدي شاور علي ما اخد انا كمان شاور في الحمام التاني وبسرعه، لان اقسم بالله  لو رجعت ولقيتك مكانك وبوضعك ده لاكمل وقتي معاكي واسرقك لعالمي  واللي يحصل يحصل يلا قومي يا رخمه


ضحكت فرحه من غضبه الذي يؤكد عشقه واشتياقه اليها هي وليس غيرها التي ملكت قلبه وروحه

********

بعد قليل نزل فريد وبصحبته فرحه التي وضع يده علي كتفها بتملك ونظر الي عادل بضيق:

ايه يا حضرت المتطفل،  هو انا مش بلغتك متجيش غير لما اكلمك،


ضحك عادل وقال بمرح ساخر:

ايه يا باشا المدام مش هتطفش اكيد يعني وضحت ليها كل خاجه، المهم كلمت رشاد وجاي في السكه ومعاه الامانه ومهر المدام زي ما طلبت


طالعته فرحه بريبة وسألته:

امانه ايه ومهر ايه فين الاولاد يا فريد مش قولت أن  أنهم مع رجالتك  بيعملو ليهم تحليلDNA


ضغط فريد علي كتفها وقال:

اصبري علي رزقك، الامانه هما الاولاد أما مهرك

انا سلمت والدتك نصه وهو البيت اللي اتجدد علي مساحه اكبر وحجة الفدان ملك لأهلك

أما باقي مهرك وهو...


قاطعته فرحه بحزن وحسره:

باقي مهري مبقاش  ليا نصيب فيه وانا مسامحه، لان بعد ابويا ما مات مبقاش


صرخت فيها امها بغضب :

اخرسي  يا فرحه، انت ازاي تقولي كده أخص عليكي


طالعتها فرحه بحيرة وسألته فريد :

هي ماما زعلت ليه كل ده علشان قولتلك مسامحاك في  الباقي من مهري


ابتسم له فريد وقال وهو ينظر الي عيناها بحب:

مهرك دين عليا ووعد قطعته والحمد لله البوم اقدر ارد الدين واوفي بوعدي

لان وعد الحق دين عليه، بصي وراكي يا فرحه واقبلي مهرك يا بنت قلبي 

نظرت فرحه خلفها وتملكت منها الصدمه ووقفت  الكلمات علي لسانها عاجزة عن التعبير بما اصابها؟!

********

يتبع .......

الفصل السابع والعشرون اضغط هنا


   سلمى سمير
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع روايات سلمى سمير .

جديد قسم : رواية ( بنت الوادي)

إرسال تعليق