مهرك دين
البارت الاخيرج١
***************
معادلة الحياة حب + ثقة + راحة + تفاهم لا يمكن أن تكمل الحياة واحدهم غائباً. هناك من يبحث عن المال وهناك من يبحث عن الجمال وهناك من يبحث عن الراحة ولكني ابحث عن الله.
ابتسم له فريد وقال وهو ينظر الي عيناها بحب:
مهرك دين عليا ووعد قطعته والحمد لله البوم اقدر ارد الدين واوفي بوعدي
لان وعد الحق دين عليه، بصي وراكي يا فرحه واقبلي مهرك يا بنت قلبي
نظرت فرحه خلفها وتملكت منها الصدمه ووقفت الكلمات علي لسانها عاجزة عن التعبير بما اصابها؟!حين رأت أطفالها يحمله أحدهم علي شاشة كبيرة تظهر باب الفيلا عن طريق الكاميرات فسالته بحيرة وتعجب عن معزي أن أولادهم مهرها:
ولادي مهري ولا ديني انا ليك، ثم انا قولتلك اي حق ليا عندك انا سمحت فيه،
ضحك فريد بغموض وقال:
وانا راجل ورافض عفوك، لاني راجل ربنا قدرني اووفي بوعدى، بس اولادنا مش مهرك لكن ......
واجري اتصال سريع وقال المحدثه:
ادخل يا رشاد وانت يا عادل بدل وقفتك كده روح خلص اللي طلبته منك
ثم امسك يدها بعشق وقال:
قبل ما تستلمي باقي مهرك لازم ولادك يشهدو عليه
انصرف عادل لينفذ ما أمره به صديقه فريد، وبناء علي امره، دلف رشاد وهو يحمل أطفالهم التؤام يوسف وسامنتا:
جرت عليهم فرحه بلهفه وأخذت منه الطفل وحمل فريد سامنتا ،تقدمت الي والدة فريد وقالت باعتزاز:
اتفضلي يا امتثال هانم حفيدك يوسف،كله ابنك فريد ماشاء الله، ربنا يبارك لنا فيه ،ويارب يكون عوض ليكي عن حفيدك حافظ
بلهفه اختطفت امتثال الطفل من يد فرحه وأخذت تقبله بشوق وشغف حتي ارتجف يوسف بخوف وذعر من شدة ضم جدته له وطلب أمه ببكاء؛
دنا فريد من والدته وربتت علي كتفها كي تهدأ:
ماما واحدة واحدة علي يوسف كده هيترعب منك، ثم هو حفيدك بس اللي مشتاقه ليه وغالي عندك، وحفيدتك الجميلة دي ملهاش نصيب في حبك وحنانك هي كمان يا ست الكل
رمقة امتثال الطفلة رائعة الجمال التي يحملها فريد بحب وهي تتشبث برقبته كأنه الحياة وقالت بمودة:
لا طبعا حفيدتي ليها كل حبي، بس اعذرني يا فريد يوسف من دمك، وعوضني عن حافظ حبيب قلبي
لكن سامنتا رغم قبولي بانك تتبناها هتفضل غريبه عني لكن اوعدك مش هفرق في المعامله بينها وبين يوسف لان الاتنين بالنسبالي اولادك
ضحك فريد وجذب فرحه الي صدره لتحتل جهة الشمال كم تحتل طفلته جهة اليسار وقال بفخر:
بس يا ست الكل سامنتا هي كمان من دمي زيها زي يوسف بالظبط لانها تؤامته ولا ايه فرحة عمري
لم تصدق امتثال، رحمة ربنا عليه وعلي ابنها بما فقد فعوضه الله عن فراق اول احفادها بتؤام جميل كابيهم وأمهم الرائعة الجمال شكلًا وروحا
أعطت يوسف الي زينب التي كانت تشتاق الي حمله هي الآخرة وضمت سامنتا الي حضنها بنفس اللهفه،
ابتسمت سامنتا وقالت ببشاشة:
انت تيته ثح
قبلتها امتثال بحب وسعادة كبيرة تتراقص في قلبها:
ايوه تتيه يا حبيبة قلب تيته وفرحتها، اسمع يا فريد سامنتا ده اسم اجنبي، سميها اسم عربي حلو
ايه رايك نسميها علي اسم جدتها زينب
بس توعدني لما ربنا يرزقك بطفل تاتي تسميه حافظ
نفسي اسم ابوك يرجع تاتي في طفل من اطفالك
ضم فريد فرحه الي صدره بحب وحنان وقال:
باذن الله يا ماما هسمي حافظ وامتثال ومدام انت سميتي سامنتا زينب يبقي لو ربنا رزقنا ببنوته تانيه نسميها امتثال
ضحكت امتثال بحب ومودة الي ابنها وزوجته التي وافقت علي اقتراحه بترحاب، بعدما اخرجتها حماتها من ورطة تسميته طفلتها علي اسم والدتها دون الرجوع لزوجها في ذلك ، فقالت لهم بعقلانيه:
بلاش امتثال اسم قديم وثقيل، لكن زينب أو فاطمه اسماء محببه ومهما طال الزمن بتكون حلوه ومتجددة، ثم انا نفسي في حافظ لانه اسم غالي ع قلبي كان جوزي وربنا استرد أمانته وبقي حفيد وملحقتش افرح بيه، علشان كده طلبت منك تسميه
نظرت إلي فرحه برجاء وقالت:
وحياة اولادك وفرحتك بيهم يا فرحه، متبخليش عليا بالامنية دى، عارفه اني اجبرتك ع جوازك من ابني، بس ده كان قدرك اللي ربنا جعلني سبب في أنه يتحقق، وبيها بقيتي ام احفادي
ودلوقتي بطلب منك تحملي تاني وانا اوعدك اتحمل معاكي رعاية الاولاد ومعايا هنا سوسن فريد رفض تترك الفيلا علشان تكون مرافقه ليهم
يعني كل سبل الراحه هتتوفر ليكي بس انت وافقه تعمليها مره كمان ممكن
خفضت فرحه عيناها بخجل وخوف من كشف سرها بأنها حامل كيف ضاع عن بالها أن تحكي لفريد عنه، وكيف سيكون رد فعله عند معرفته بحملها ورهنها لعقده الالماظ، هل سيمنحها السماح ام سيغضب منها
لم يمهلها فريد للأفكار تعصف بها، وقرر مباغتها حين شدها اليه ووضع يده علي بطنها وقال بثقه:
مفيش داعي تتطلبي منها يا ماما، فرحه هتحقق ليكي امنتيتك في اقل من ٨ شهور، لانها حامل
ارتجف جسد فرحه بين يداه فادارها لتقف أمامه ورفع وجهه لتقع عيناها في عيناه وقال بتحدى:
مش انت حامل يا فرحتي، بس ممكن اعرف كنت ناويه تعرفيني بحملك امتي، وياتري كنت هتهربي بيه مني زي ما هربتي بحملك اللي فات، ولا ايه هو غرضك من انك تداري عني حملك وتفرحيني بيه، رغم تصفية الخلاف بينا
ثم نظر اليها شزرًا وغامت عيناه بمكر وغموض:
انطقي يا فرحه متخلنيش أفقد ثقتي فيكي واحرمك من اولادك زي ما حرمتيني سابق واطلقك بجد؟!
*******
ارتجفت فرحه من نيته في تطليقها، وزداها خوفها من أقدامه علي تطليقها ، تملكها الهلع من نظراته الحارقه اليه فقالت بتوتر:
مقصدتش اداري عنك، ولا اهرب بحملي يمكن اول مره كانت بهرب من عشقي ليك خوف من استسلامي لفكرة مشاركة زوجة تانيه ليا فيك، لكن المرادى اقسم بالله انا لسه عرفه من اسبوع وده سبب اني نزلت مصر علشان أطلق منك واستقر بعيد عنك لكن في النور وكنت هقولك عن حملي ونوصل لتفاهم يرضيني ويرضيك بالنسبه للاولاد،
والله يا فريد ده اللي حصل، وعلي فكرة احتفاظي بحملي دليل علي حبي ليك رغم ظروفي الصعبه اللي هربيهم فيها بعيد عنك
جذبها فريد الي صدره وطالع عيناها الساحرة قائلًا:
نفسي افهم انت دماغك فيها ايه، يعني تحتفظي بطفلي وتبعدى عني، بتهربي مني وتتمسك بحته مني
عارفه يا فرحه لولا أن أفعالك كلها بتدل علي حبك لكن بغباء انا كنت طلقتك من اول مره هربتي فيها مني، لكني قلبي بيفرض عليا اسامحك لانه واثق من حبك، عموما يا حته من قلبي وفرحة عمري
انا مسامحك والأهم عقدك اللي رهنتيه علشان تنزلي مصر جزء من مهرك وشبكتك يا هانم معايا
نكست راسها بخجل من كرمه عليها وعشقه لها التي. ظنت خطأ انها لن تناله ما حيت، ابتسم له فريد بحب ادارها والبسها العقد فمالت علي صدره بحب وقالت:
هو ربنا بيحبني اووي كده علشان تبقي من نصيبي
ومهري وشبكتي بالنسبالك اكبر همك
ضمها فريد الي صدره بقوة وهتف بحرارة:
وعد الحر دين عليا يا فرحة عمري، علشان كده كنت لازم احافظ عليه واقدمهولك إرضاء لربي ولوعدى حتي لو كانت ماما هي اللي وعدتك لكنه مهرك ووفاءه دين عليا، والنهاردة بس اقدر اقولك الحمد لله وفيت وكفيت
رفعت راسها عن صدره ونظرت إليه بريبة فهي لم تفهم بماذا وعدت والدته وهو وفي،
اذا كان يقصد ابيها فالقدر لم يمهله لكي ينقذه من مصيره، وهنا تذكرت كلمه قالها فاروق عن أن فريد اخذ رضاء ابيها وموافقته علي الزواج،
حدقت فيه بقوة وسألته بارتباك وجسدها يرتجف من ان يكون استنتاجها صحيح فهذا كفيل بحمل العبء عنها بأنها السبب في موت ابيها فقالت:
فريد انت فعلا عرفت بابا بجوازنا ورضي عنه ، قول ان ده حصل وان عمره هو اللي خلص ومكنتش أن السبب في اللي حصله
لم يرد عليها فريد بل أتاها صوت ابيها من خلفها يهز وجدانها وترتسم البسمه علي ملامح امها والفرحه والسعادة تتهلل علي وجوه اخواتها الذين هرعو الي مصدر الصوت حين قال بمودة:
ايوه يا بنت ابوكي انا راضي عن جوازك من فريد بيه
لم تتحمل فرحه صدمة أن يكون هذا صوت ابيها وقبل أن تستدير انهارت قواها ووقعت مغشيًا عليها بين ذراعي فريد الذي كان لايزال يحتضنها:
*******
في غرفة فريد
حملها فريد وصعد مسرعا الي غرفته ومددها علي الاريكه وطلب منهم جميعًا الانصراف،
فيما حدث واكتشفته كان فوق قدره احتمالها، وهو يخشي عليها وعلي طفله الذي في احشاءها من كل هذا الضغوط لهذا قال لهم:
اتفضل انتو انا هفوفها واهديها وهنزلكم بيها ليكم بعد ما ترتاح باذن الله
ثم نظر الي والدته وقال:
ياريت يا ماما. تطلبي من سوسن تهتم بالاولاد وتقومي بواجب الضيافه مع جاكلين
ريتت متثال علي كتف ابنها وجذبت زينب الملهوفه علي ابنتها من جوارها وقالت لها:
قومي انزلي انت لجوزك وسبيها لجوزها يفوقها ويفهمها بالراحه هي بس مصدومه، ومتقلقيش عليها مفيش حد هيخاف عليها قد فريد، واديكي شوفتي بعينك لهفته عليها وحبه ليها
طالعت زينب جسد ابنتها المسجي بين يدي زوجها
وقالت بارتياح:
ليكي حق يا امتثال هانم، انزل انا للراجل اللي غايب عني من ثلاث سنين، لكن وقعت فرحه نسيتني اسلم عليه عن اذنكم وخلي بالك منك يا فريد بيه
ابتسم لها فريد بمودة وطلب من أمه أيضا الانصراف
لكي تقوم بواجب الضيافه مع من ينتظروهم بالاسفل الي حين آفاقه زوجته ،والعودة اليهم
خرجت امتثال وأغلقت الباب خلفها، ضم فريد فرحه الي صدره وتحسس وجنتاها الساختان، واخذ يلثمهم ثغرها بقبلات رقيقه وعذبه ثم هتف بحرارة :
حبيبت قلبي اللي لوعتني وتعبتني لحد ما وفيت دينها هتفضل كده تعباني كتير،فوقي يا فرحه عمري
وحشني النظر لعيونك وارتشاف الرحيق من شفايفك
رمشت فرحه بعينها عددت مرات شاعرة بالهدوء من احتواء فريد الحنون لها، ابتسم حين لاحظ افاقتها واخذ شفتاها في قبلها محمومه وشغوفه وقال:
وبعدين معاكي يعني مش عايزه تفوفي، عموما انا لسه مشتاق ليكي وعندى استعداد ادفي حضني تاني بيكي، بس المرادى مش ضامن نفسي اهدى عليكي
دفعته فرحه في كتفه بمزاجه وقالت له وهي تفتح عيناه بصعوبه شاعرة بصداع عنيف يضرب راسها:
وربنا انت رايق يا فريد، انت ناسي اني حامل لسه في اول شهرين وشوقك ده ممكن يخسرني البيبي
وضع فريد يدها علي بطنها وقال بعشق:
الا البيبي وام البيبي، ثم لو حصل حاجه ليه ماما مش هترحمك عندها امل تعوضيها بحافظ الصغير
فجأة انتفضت فرحه وسألته بلهفه وتوتر بالغ:
فريد هو انت عرفت بحملي منين ووالدتك عرفت امتي، استني احنا نزلنا ليهم تحت صح
وجاكلين وعادل كانو موجودين، وصاحبك جاب الاولاد، كل ده جري قول أنه حصل، واني بجد سمعت صوت بابا وهو ده مهري اللي وفيته،قول يا فريد اني مش بحلم وان بابا لسه عايش وراضي عن جوازنا
حضن فريد وجهه بين كفاه وقال بهدوء كي يحتوي صدمتها ويهدأ من روعها:
اهدى يا فرحه، لو مش علشانك علشان اللي في بطنك، انا لو كنت اعرف انك هتتوتري بالشكل ده كنت فهمتك واحدة واحدة، بس السبب زيارتك للابن عمك، لان لحد ما نزلتي مصر وانت عارفه ان والدك حي، يعني زيارتك سبب حالتك دي وصدمتك
امسكته فرحه من ثيابها وسألته بصوت يملاءه اللهفه والاندفاع في الكلام تغبيرًا عدم استيعابها الجيد:
يعني بابا حي وعايش وفعلا زي ما قال فاروق انك اخدت موافقته علي جوازنا وهو راضي عني صح قول أنه صح يا فريد وحياتي عندك
ابتسم بحنان وضمها الي صدره بقوة يحتوي ارتجاف جسدها تم قبل شفتاها التي ترتعد بقوة وقال:
صح يا قلب وروحي فريد، ثم انت بالذات كنت لازم تفهمي ان والدك عايش رغم كلام فاروق، لانك عارفه والدتك وحافظها كويس، و انها من المستحيل تقبل احسان من حد أو تسيب بيتها تحت اي ظروف، الا بامر من والدك وده اللي حصل
والدتك رفضت تجي معايا الا لما والدك بلغها بنفسه،
تنهدت فرحه بقوة وأخذت نفس عميق وسألته :
طيب ليه فاروق قال كده، وليه بابا كان بعيد عنهم لان الواضح أنهم اول مره يشوفها من مده بسبب لهفة اخواتي عليه وماما، هو كان فين وايه سبب أن فاروق قال عنه بعد الشر عليه مات، ممكن تفهمني
نهض فريد وعدل من ثيابها وجذبها من ع الاريكه وضمها اليه مقبلًا راسها:
ممكن طبعا بس انا اللي وصلت الفكرة لفاروق علشان يفقد الأمل فيكي،
ممكن احكي الحكاية كلها واحنا مع بعض تحت لان وجودك معايا هنا، بيشتت تفكيري لحاجات تاني
مجهده عليكي, باني اعوض فراقي عنك يا مثيرة
بان ابثك شوقي واشتياقي بعلاقه مهلكه تنسيني غدرك وهجرك ليا ليالي
تضرعت وجنتيها بحمرة الخجل ودفعته في كتفه بمزاح أنثوي يتخللها دلالها العفوى وقالت :
يوه بقي يا فريد، من عيوني حاضر هعوضك وهكون ليكي زي ما تتمني وزيادة، بس انا مش هقدر اصبر علي انك تحكي ليهم بالتفصيل من اول وجديد كل اللي طلبته انك تفهمتي انت أنقذت بابا ازاي
وهو كان فين طول المدة دي وازاي اقنعته بجوازنا
شدها اليها وقبلها سلسله من القبلات الصغيرة والمتفرقه وهو يتحرقًا شوقًا اليه، ثم تنهد بزفير حد اجلسها امامه قائلًا بمزاح مرح:
اللهم صبرك يا روح حاضر يا فرحة عمري، هحكي ليكي اللي حصل بالتفصيل
امسك يداها وضمها الي صدره وبدأ يسرد عليها ما حدث مع ابيها وكيف نال رضاه بالتفصيل؟!
بعد ما وصلنا انجلترابساعه ووصلتك الشقة واطمنت عليكي زي ما انت عارفه روحت الكلية اسجل الرسالة أثناء لقائي بالدكتور المسؤول عن البحث الاولي، جالي اتصال من الدكتور خليل، طبعًا قلقت واتوقعت أن ماما يكون حصل ليها حاجه، بالذات اني وصيته لو حصل اي طارئ يتصل بيا في اي وقت، وبما أن كنت لسه سايبه من خمس ساعات
حسيت أن في سوء حصل، استأذنت من الدكتور وخرجت بره القاعة واتصلت بيه:
الو دكتور خليل طمني ماما حصلها حاجه، انت قولت انها عدت الأزمة ايه جري ليها خلال الخمس ساعات
تنهد الحبيب ورد عليها بارتباك:
اسف لازعاجك يا فريد بيه، متقلقش والدتك بخير
والحمد لله حالتها مستقرة جدًا، اتصالي بيك لحاجه تاني موقف غريب اتعرضت ليها وعايز اعرف منك اتصرف فيها ازاي
تنهد فريد بارتياح وزفره بقوة قبل أن يرد عليه قائلًا:
احمدك يارب، خير يا دكتور خليل موقف ايه ومن مين، ايه والدتي فاقت وسالت عني ولا حصل ايه
تنحنح الطبيب خليل وقال بارتباك:
لا والدتك انا حريص انها تنال قسط كامل من الراحه والهدوء باعطاءها مهدأت علي فترات متفاوته، مش هيخليها تفكر باي شئ يتسبب في تعب نفسيتها زي. ما حصل من شدة خوفها عليك
لكن الموقف اللي حصل يخص البنت اللي كانت معاها وحضرتك طلبت مني عدم مرافقتها للمدام،
صمت فريد حتي يستوعب مغزي حديث الطبيب فعاد وسألها بعدم ارتياح وريبة:
مالها البنت موقف ايه الا حصل وهي مشيت قبل ما امشي انا من بدري، ازاي بقي الموقف معاها،
رد الطبيب بإيجاز:
مش معاها هي نفسها، لكن والد البنت كان هنا وسأل عنها، انا عرفته ان المرافق ممنوع وهي مشيت بدون ما اذكر ليه اللي حصل، بينك وبين الممرضة انك وصتها توصله الفيلا ، والسبب أن البواب بتاع الفيلا الخاصه بيكم كان معاه وده سبب حيرتي
هي البنت راحت فين ولا انت طلبت من الممرضة توديها فين بالظبط، واسف ع السؤال
غمغم فريد وقد تفهم الموقف بوضوح فسأله:
البنت وصلت الفيلا فعلا بس البواب مشفهاش وهي سافرت، المهم والدها فين حاليا مشي ولا لسه
رد عليها الطبيب بحزن:
للاسف والدها تعرض لأزمة قلبيه حادة لولا أنه في المستشفي واسعفناه بسرعه كان هيروح فيها بسبب سوء حاله قلبه, لان بعد الكشف وإجراء بعض الفحوصات، اكتشفنا أنه محتاج عملية زراعة قلب
لكن الغريب أن اسمه مسجل علي سجلات المستشفي وده اكتشفته لما دخلنا بياناته علي الكمبيوتر
وكانت نفس الفحوص ونفس التوصية بسرعة إجراء عملية زراعة قلب، لكن الغريب والاعجاز انه لسه عايش رغم سوء حالته،
زفر فريد بحدة ورد عليه بضيق نسبي:
ايوه عارف ان قلبه مريض ومحتاج عملية، وانا طلبت من والدتي تعمله الفحوص اللازمه لما عرفت بمرضه لكنه رفض يعمل العملية
المهم طمني علي وضعه دلوقتي، عايزاك توليها رعاية كاملة ده أمره يخصني انا شخصيا بعيد عن والدتي
تنهد الطبيب بحدة ورد عليه بقلة حيله:
للاسف حالته متأخرة جدًا ومحناج تدخل جراحي باسرع وقت، مع عناية طبية خاصه لعدم تدهور الحالة عن وضعها الحالي
صمت فريد وتذكر أن سبب قبول فرحه الزواج به هو إنقاذ والدها واجراءه الجراحه وكان هذا هو طلبها الوحيد كمهر لها فساله باهتمام :
طيب يا دكتور خليل، تقدر توفر ليه زراعة قلب ولا محتاج يسافر، وحالته تتحمل السفر ولا لاء
وقبل كل ده عايز اي شئ نتفق عليها سر بينا اتفقنا،
لم يفهم الطبيب سبب كل هذه السرية وإجابة:
لو عايز راي الطبي، افضل سفره للخارج لإجراء الجراحه لان حضرتك عارف التبرع بالأعضاء بمصر غير متاح بالصورة الكافية اللي ممكن توفر ليه قلب
مناسبة في وقت اقل، وبالنسبة لحالته ممكن يتحمل مع تجهيزات طبية عالية وقت نقله يفضل طائرة طبية مجهزة، وبالنسبة للسرية انا تحت امرك
قبل أن يرد عليه سمع طرق علي الباب فطلب من فريد انتظار لحين الرد علي الطارق الذي أذن له بالدخول،
دلف اليه أحد موظفي الحسابات وقدم إليه بعض الأوراق وقال لها بتردد:
اسف يا دكتور خليل، بس الحالة اللي دخلت وضعها ايه، لان مطلوب مبلغ تحت الحساب عن الفحوصات والاشاعات اللي تمت غير الإقامة في غرفة الرعاية
سمع الطبيب خليل صوت فريد يقول له:
بلغه يضيفهم علي حساب والدتي لحد ما اتفق معاك علي وضعه بالمستشفي هيكون ازاي
وقتها رد الطبيب علي الموظف:
طيب يا جابر الراجل ده يخص مدام امتثال، هنسجل حسابه علي حسابها هات الورق امضيلك عليه علشان تخلي مسؤولياته الكاملة
وقع الطبيب علي الاوراق وانصرف بعدها الموظف، واكمل الطبيب حديثه مع فريد الذي تعجب منه حين قال لها بحسم:
اسمع يا دكتور خليل،انا هخلص إجراءات نقل عويس
لمستشفي هنا في انجلترا،
وانت خرجه من المستشفي علي مسؤوليتك ماشي
رد عليه الطبيب:
طيب انت طلبت السرية ازاي أخرجه علي مسؤوليتي
لازم يخرج بشكل قانوني، انا عندى حل، هفصل عنه الاجهزه واكتب أنه توفي ده لسجلات المستشفي فقط، وهيتم نقله لغرفه تانيه دون أي اعلان عن شخصيته، ولما يتم نقله هنقول انه هيتم دفنه لعدم العثور علي اهله، ايه رايك
امتعض فريد من هذا الاقتراح لكنه كان مناسب لوضعه الحالي مع والدته وزوجته حتي تستقر أموره مع فرحه، مع الحرص بعدم معرفتها اخبار اهله، وافق علي مضض وتم الترتيب لهذا
وبعد اسبوع في أحد أكبر مستشفيات انجلترا، كان يتمدد عويس علي أحد الأسرة
فتح عيناه بصعوبه فراي امامه فريد مبتسمًا:
حمدالله بالسلامه يا رجل ياطيب
حاول عويس الاعتدال امامه لكن فريد منعه وطلب منه أن يكون علي سجيته دون إرهاق نفسه فقال:
فريد بيه ربنا يعزك مقدراك ، انت بنفسك جاي تزورنا
شفت يابيه بنتي تاهت، وربنا عالم بحاله باتت فين امبارح بعد ما سابت الست الهانم
جلس فريد بالمقعد المجاور له وقال بجدية:
بنتك في بيت جوزها يا عم عويس وهي بخير
انتفض جسده بشدة وسأله بعدم تصديق:
جوزها فرحه اتجوزت امتي ده فارق منتظرنا لسه نكتب الكتاب معقول كتب كتابها من غيري ولا هو ايه حصل بعد ما اغمي عليا هو انا نمت كتير ولا ايه
امسك فريد يده وربت عليه برفق قائلًا:
انت بقالك اسبوع في غيبوبة، لان حالة قلبك سيئة وللاسف عدم توفر قلب لزراعة هتفضل بالمستشفي تحت الرعاية لحد ما تتم الجراحه
علشان كده نقلتك هنا منها تكون تحت عيني أوليك اهتمامي ونفس الوقت تطمن علي بنتك
حدق فيه عويس بدهشه وسأله:
هي فين بنتي وانا فين بالظبط، وازاي فاروق يتجوزها من غير ما يرجع ليا
رد عليه فريد بلا تردد وايجاز واثق:
انت هنا في انجلترا، معايا ومع فرحه يا عم عويس
اتسعت حدقتاه وهو يرمقه بصدمه وقال:
فرحه معاك الا هو ازاي، وازاي فاروق يسمح ليها تسافر معاك، استني انت مش قولتك انها في بيت جوزها، ازاي بقي تبقي معاك
غامت عيناه فجأة. ابتسم بغموض قائلًا:
فرحه متجوزتش فاروق، وهي معايا هنا لان انا اللي اتجوزتها وبقت مراتي ،،،،
الجمت الصدمه عويس ووقفت الكلمات علي لسانه لم يعرف بماذا يرد عليه، فجأة خرجت الكلمات متقطعه وصعبه وهو يسأله:
يعني ايه فرحه متجوزتش فاروق ،وبقت مراتك، ايه يا بيه اشتريتها بمالك، لكن لاء فرحه نفسها عزيزه
مستحيل تبيع ابن عمها وتكسر كلمة ابوها لو حتي عرضت عليها كنوز الدنيا، قولي يا بيه غصبت بنتي علي الجواز منك ازاي
ابتسم فريد بمودة متذكرًا رفض فرحه ماله، حتي انها خلعت خاتمها الالماظ وفضلت خاتم خطيبها الذهبي عليها، في وفاء نادر لكلمة ابيها واحترام كامل لمبادئها التي لم تحيد عنها رغم ظروفها، فقال لها فخور بانتسابها اليه:
بنتك اصيله وحره ومحدش يقدر يغصبها علي حاجه، ولأنها بنت اصول وبتصون العيش والملح طلبنا منها خدمه وبامانة الله رفضت علشان متكسرش كلمتك،
وكنت انت الدافع الوحيد لموافقتها ع الجواز، مقابل انك تتعالج وتعيش لاخواتها
نكس عويس راسه بإنكسار وحسره:
يعني مرضي هو سبب انها وافقت، بس ليه وانا كنت هجوزها لراجل يصونها ويراعي ربنا فيها، ومن توبها
مش يشفق عليها ويكسر نفسها بقلة حيلتها وفقرها،
حتي لو مت بعدها اديني سترتها وبقت في ذمة راجل، لكنها كسرت كلمتي وكسرت قلب ابن عمها وكسرت نفسها بحاجتها ليك يا بيه
ارتسمت نصف ابتسامه علي طرف ثغره وأمسك يداه وقال بجدية وإصرار نابع من إيمانه بأن الزوجة الصالحه لا تقدر بثمن وكنز ثمين لمن يتزوج بمثلها،:
بقي ده ظنك فيا يا عم عويس، اني هكسر بنتك وهقلل من احترامي ليها لانها فقيرة،
يا عم عويس رسولنا الكريم حسنا علي الزواج من الزوجه الصالحه ليس لمالها وحسبها فقط
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تُنكَح المرأة لأربع: لمالها، ولحسَبِها، ولجمالها، ولدِينها، فاظفَرْ بذات الدين تربتْ يداك))؛ متفق عليه. وانا فوزت بزواجي من فرحه ليه شايفني مستحقهاش وانت اعلم الناس بأخلاقي
الم يرشدنا الرسول ﷺ إلى حسن اختيار الزوج بقوله ﷺ: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"
قولي ايه يعيبني بالزواج من بنتك، لو علي ثروتي انت عارفني طويس، عمر المال ما كان هدفي ولا قضيتي، أما لو علي الحسب والنسب طول عمري شايف الإنسان بنفسه وما انجزه،
اللي يهمني الأصل الطيب والتدين والعلم هما أساس اختياري في حياتي، والحمد لله فرحه من بيت طيب واصيله ومتدينه، أما العلم ده مهمتي معاها اوصلها لاعلي مراكز العلم والتعليم، اتمني بعد كل ده تمنحي رضاك علشان ربنا يكتبلي السعادة معاها
قولت ايه يا عم عويس تقبلني زوج لبنتك الغالية فرحه، ولا لسه شايف اني مستحقهاش
رفع عويس راسه ناظرًا أليه بامتنان شاعرًا برضاء الله عليه وعلي ابنته رأن وهبها ذلك الزوج التقي الرؤوف المتواضع الخلق فقال :
سواء وافقت او لاء فهي قبلتك جوز ليها وخلاص بقت مراتك شرعًا، يعني مفيش بايدى غير اني ابارك زواجكم وربنا يرضا عليكم بالذرية الصالحه
هز فريد راسه رافض استلامه للأمر الواقع وقال كذبًا حتي يجعله رضايا من قلبه بشموخ وعز :
بس فرحه لسه مبقتش مراتي، مجرد زواج علي ورق لإنقاذ ثروتي من الضياع، لكن بسبب خوفها من مواجهتك ومرض والدتي جت معايا انجلترا لحد ما افسرلك اللي حصل، علشان كده انا بطلبها منك لو وافقت هتمم جوازي منها ولو رفضت هطلقها وابعتها لمصر بنفسي وأجهزها لعريسها ردًا علي جميلها معايا
تخللت مشاعر الفخر والعزة والكرامة بقلب عويس الذي راي حرص سيده ع الزواج من ابنته برغبته، فراي أن زوجها منه هو الافضل لها، فمن المؤكد أن فاروق علم بزواجها وأصبح أمر واقع، فقال لها براحه:
وانا موافق يا يابيه علي جوازك من بنتي ربنا يبارك فيها وفي ذريتك منها بإذن الله
اتسعت ابتسامة فريد حتي تلالاء وجهه بالفرحه والسعادة الغامرة قال:
طيب ينفع واحد يقول لجوز بنته يا بيه، انا من النهاردة ابنك زي ما فرحه بنتك يا راجل يا طيب
ربت عويس علي راسه وقال باحترام:
لا يا بيه انت هتفضل سيدى ومش معني انك جوز بنتي، البساط يبقي احمدى مهما كان المقامات محفوظه، انت رفعت بنتي ليك، لكن مش هتنزل ليا ربنا يعزك يارب،
امسك فريد يدها وضغط عليها برفق ومودة:
ربنا هو المعز وكلنا ولاد تسعه، ومن النهاردة أنا بالنسبالك فريد وبس لاما دكتور فريد لو ثقيله عليك لكن بيه وكلام فارغ مش هقبل بيه، دا انت هتبقي جد اولادى يا راجل يا طيب
ربت عويس علي كتفه بامتنان وقال:
الله يكرم اصلك ويباركلك فيها، طيب مدام بنتي هنا معاك عايز اشوفها واطمن عليها وابارك ليها بنفسي
اخذ فريد نفس عميق ورد عليها قائلًا:
مش هينفع دلوقتي، فرحه جت هنا معايا هربانه منك
خوف من مواجهتك،وده خلاها توافق تعبد عنك لحد ما أعلن جوازي بيها، بس مدام راضي اكمل جوازي واقنعها انه امر واقع، بعدها هقدر اجبهالك تزورك وقلبها مطمن لان السفر والخوف تعب نفسيتها
تجلت ملامح الحزن والألم علي وجه اليها وقال:
ياه لدرجة دي بنتي خايفه علي زعلي منها، رغم انها ضحت بنفسها علشان تنقذني. وتقدم ليك خدمه،
طمر فيكي تربيتي وزينب ربت صح، طيب انا عايز بس اشوفها وقلبي يطمن انها معاك مش كلام بتطمني بيه بس وهي لسه تايهه، اصلي مش مصدق أن ربنا كتب ليها الهنا والسعادة بجوازها منك
تنهد فريد بقوة وقال:
حاضر يا عم عويس اديني بس اسبوع ولا اسبوعين
وانا هحاول اجيبها هنا تشوفها من غير ما تشوفك
وقتها قلبك هيرتاح، ونبدا نعالجك وننقذك ساعدني اوفي بوعدى ليها، واكمل مهرها بشفاءك
هز عويس راسه موافقًا علي امل لقاءه بها قريبا
*******
انتهي فريد من سرد ما كان بينه وبين ابيها وضم فرحه الي صدره يحتوي صدمتها من كل ما حدث
وقال بمحبه وهو يلثم ثغرها برقه:
هو ده كل اللي حصل يا فرحتي، ايه رايك في جوزك مقنع، رغم اني كذبت عليه بانك جيتي معايا هنا وانك لسه زوجتي علي ورق بس علشان،اخليه راضي بإرادته علي زواجي منك، مش إجبار وأمر واقع
تنهدت فرحه بقوة واحتضنت وبعشق وقالت:
انت أعظم واحن وأذكى زوج في الدنيا، بس ليا عندك عتاب لما بابا كان في انجلترا ليه حرمته من انه يطمن عليا ويشوفني
أنهت كلامها وقامت وجهزت نفسها لكي تستعد لاستقباله جذبها فريد من ظهرها وقال بحسم:
مين قال اني حرمت والدك منك بالعكس ابوكي شافك بدل المره كذا مره وهو بنفسه اللي كان بيطمني عليك طول حملك
ارتجفت فرحه من هول الصدمه واستدارت بين يداه وحدقت فيه بذهول وسألته بعدم تصديق:
انت بتقول ايه بابا هو اللي كان بيطمنك عليا وقت حملي في التؤام ،وشافني وكان قريب مني طب امتي وازي وليه مكلمنيش ووقف جمبي
ضمها فريد اليه وقال:
هقولك وده اخر اعتراف كان وازي وليه جواپي عليهم يتلخص في؟!
************
يتبع.............
انتظروني مع
الجزء الثاني من الفصل الاخير هنا
تعليقات: 0
إرسال تعليق