-->

رواية رجال لا يهابون الحياة ( الفصل الاخير



#عودة_الوئام

#البارت_الاخير

**************

في فيلا العنود

في كوشة العرسان، اخذ محمود يد رحاب والبسها شبكتها وطبع قبله حانية علي يدها وقال:

اوعدك يا مليكة قلبي أن اظل علي وعدى بأن لا يسكن الفؤاد غيرك ولا يشغله الا حبك وابنائي منك


بتلقائية شديدة ضربت علي صدرها بسعادة وقالت:

ياخراشي ياخراشي علي لسانك اللي بينقط سكر وشهد مكرر  كلامك  دوبني يا سي محمود


ضحك محمود وقال بشموخ وغرور:

انسي الفاظك وطريقتك البلدى  دي خالص، انت هتبقي ليدى لازم تتعاملي ووتكلمي بأسلوب راقي 

انا هساعدك وهخلي اختي تعلمك الاتيكيت اتفقنا،


لاح الحزن  في عيناها وقالت بفخر وتصميم:

لو كان أبوك نسي أصله يبقي انا انسي اصلي، ممكن ليك حق بالنسبة  لألفاظي، لكن طبعي البلدى الحامي لاء مش  هغيره، ده اللي خلاك حبيتني واتمسكت بيا، ووفيتي بوعدك معايا، ولعلمك انا هفضل كده اتعلم اه وارتقي ماشي لكن اتغير عن نفسي وانسي اصلي لاء 

انا هفضل رحاب بنت الحارة وتربية الناس الطيبه، اللي كانت بتدافع عن نفسها بلسانه لكن قلبها  دائما عامر بالرضي  وابيض من اللبن الحليب، راضي بيا كده حبا يا زين مش راضي اديك لسه علي البر

،واللي علي البر شاطر يا هندسة،


غامت عين محمود بشر فأكملت حديثه بثقة:

 مالك يا ابن الناس غلطت في ايه، انا عارفه نفسي مدب و عارفه انا مين وجاية منين، رحم الله أمرًا عرف قدر نفسه، صحيح بحبك لكن مش هقبل تقل مني وتلغيني، شوف والدك الراجل  الاصيل الكل بيقدره ويحترمه ومش بينكر أصله ولا ثروته اللي بدأها من الصفر وكبرها بعرفه وشقاه 

لانه واثق اللي ملوش قديم ملوش جديد ولا ايه، دا من فات قديمه تاه يا باشمهندس،


قبض علي يدها فجأة،فهلعت وشعرت انه سيطردها خارج حياته، فقد عاد الي شخصيته التي تجهلها ولا تعلم إذا كانت ستعشقه عليها ام تنفر منها، فهي انسانه عفوية سليطه اللسان لا تنكر، لكنها تكره الخبث والخداع والتلون،

لكنها صدمة مما فعلا فقد قرب يدها من فمه ولثمها قائلًا بمزيج عجيب من الفخر والإعجاب:

اعشقك يا روبا،والله انا حصلت علي كنز بجوازي منك، فكرتيني بماما وبتمسكها باصلها الطيب، اللي خلاها تتحمل وتصبر لحد ما وصل بابا للي وصل ليه

انا فخور بنفسي اني اختارت الزوجة الصالحة، وربنا يرزقنا منك الذرية الصالحه يا احلي هدية رزقنا بيه

ربنا،


نظرت اليه بحيرة وسألته:

معقول يا محمود كنت بتختبرني، بعد كل ده لسه عندك شك انك اغلي عندي من كنوز الدنيا

وكان عندى اعيش معاك علي عيش وملح ولا اني اكون لغيرك، مبقتش فهماك يا سيدى انا


عاد وقبل كف يدها وقال بسعادة:

لا يا روبا انا واثق في اختياري، واتحديت الكل بيكي لثقتي الكامله فيكي،

لكن كلامي معاكي كان اختيار ليكي وليس اختبار، لو اخترتي  حياتك الجديدة كنت هحترم اختيارك واساعدك، اما لو اخترتي تتمسكي باصلك مع مواكبة حياتك هايدك وادعمك، اختياري  كان ليكي انت وهتوافق معاكي باي وضع هتختاريه  انا معنديش استعداد أتنازل عنك، لانك اثبتتي ليا انك حائط الصد لتهوري واندفاعي هتكوني مرايتي اللي بداري فيها اخطائي واصحح فيها عيوبي،  انت النور اللي هينور طريقي وقت ضلمة عقلي في ساعه غباء مني او غفله، عايزاني بعد ما لقيتك اسيبك لا انت بتحلمي وبالذات  بعد ما خلاص ربنا قدرني ووفيت وعدى ليكي والليلة ليلة عمرنا  يا عروستي وشريكتي  


نكست راسها ارضًا بحياء وارتجفت يدها بين يداه وقالت بتوتر:

يوه بقي يا ميدا أهدى عليا انا مش عارفه اتلم علي اعصابي، رغم اني واثقه من حنانك عليا، بس خايفه ومرتبكة مش عارفه ليه


عض علي شفتاه ومال عليها وقال بمغزى حميمي:

عارفه خايفه ليه، علشان هتبقي واحد، واللي كان هيحصل  ليلة زفاف احمد  علي مريم ومكملش، هيكمل وتبقي ليلة العمر كله، يا مليكة القلب 


دفعته في كتفه بغيظ:

هو انت كده بتهديني ولا بتوترني زيادة ارحمني يا محمود انا حسا قلبي هيقف وربنا،


ضحك ووحضن كفاها بتملك:

طيب قومي معايا انعنش قلبك برقصه سلو تضيع خوفك وتهيئك ليلتنا سوا، لما اخدك بحضني واتوه


قام من مقعده وسحب يدها وطلب من الفرقة الموسيقية أن تعزف لهم، موسيقي هادئة وبدا يتمايل بها علي انغامها فهدات نفسها الخائفة وارحت راسها علي كتفه كي تنعم بحنانه وبعض الهدوء

راهم طارق فطلب من فرح مرافقته وكذلك يوسف الذي اخذ بيد نجلاء وتركوهم بالنص وكانو هم من حولهم وبدا كل كابلز يشاركهم الرقصة 

لينظر اليهم بسعادة  ابراهيم  ودولت التي سألته:

فين احمد كل ده يا ابراهيم، اتصل شوفه فين،


ضمها تحت كتفه وقال لها بهدوء غامض:

اصبري احمد لما يجي هيسرق منهم الاضواء خليهم ينعمون ببعض الهدوء قبل عودته العاصفه

وضحك بمرح وشاركته زوجته دون أن تعلم معزي كلامه الغامض الذي لا يعرف معناه غير احمد فقط 

**************

في الحارة

من داخل شقة مريم وبغرفة نومها كان اللقاء بينها وبين احمد لم ينتهي

وبعد أن أخبرته بسر اخيها محروس، رفض احمد كتب كتابه عليها، ليفاجاءة بانه ردها الي عصمته بعد علاقتهم الحميميه لانها مازالت في شهور العدة بسبب حملها،


حينها لم تكن الصدمه من نصيبها بل من نصيبه حين صرحت  مريم بحدة ونفي:

مين قالك اني حامل يا احمد انا مش حامل، وازاي المطلقه عدتها لحد نهاية حملها افرض سقطت 


ضغط علي فكه بقوة ورد عليها بنزق:

الظاهر فعلا معندكيش اي فكرة بالشرع، علشان كده كنت مفكره أن عدتك خلصت رغم حملك


همت بالاعتراض فاوقفها واكمل حديثه:

المطلقه عدتها ثلاث شهور لكن لو حامل فعدتها الي نهاية حملها سواء سقطت أو كملت، لكن شرط السقوط يكون بعد الشهر الثلاث وهو تخليق الغلقه الي نطفه وان الجنين يكون فيه روح،

هنا يعتبر حمل وبيكون بعد الشهر الثالث، يعني لو واحدة أطلقت في الشهر الثلاث وسقطت تاني يوم وقعت عدتها ويجوز لها الزواج بعدها بيوم،

ام اللي حملها لم يكمل الثالث وسقطت بتكمل عدتها الثلاث شهور، او الي حد اكتمال حملها فهمتي


هزت راسها تأكيد للفهم وعادت وقالت:

طيب انا مالي بكل ده انا مش حامل، وعدتي انتهت

وواجب عليك تكتب عليا مدام نيتك تردني ليك


كور قبضته وضربه بها راسها برفق كاظمًا غيظه منها وقال بحدة وغضب مكتوم:

غباءك ده هيفضل لحد امتي يا مريم، مخك ده في ايه، سبق وحذرتك بسبب رعونتك وكلامك الغير محسوب لما سالتك في الفيلا العلاقة بينا ايه، انكرتي إكمال جوازنا اعتمادًا علي فقدي الذاكرة

وقتها قولتلك لو رجعتي وقولتي انك حامل مش هتعرف بحملك، ودلوقتي مصرة اغضب عليك


امسكها من كتفها فجأة وهزها بقوة:

انطقي يا مريم هتفضلي مخبيا حملك عني لأمتي ليه  عايزه غضبك عليا يقتل فرحتي بابني منك

انطقي يا غبية يا متخلفه يا همي الكبير، انت حامل ولا لاء 


هربت من عيناها بأن دفنت راسها في صدره وقالت بتوتر وحزن يقتلها:

ايوه حامل يا احمد، وكفاحت ويكافح علشان احافظ عليه، وعارفه اني لسه في عدتك وان اللي حصل بينا حلال، لكن مش ده اللي انا عايزه منك

عايزك ترجع ليا ولشخصي مش بسبب ابن يربطك بيا غصب عنك لتاني مره فهمت ايوه انا حامل لابنك


ضمها اليه بقوة وارح راسه علي راسه وقال:

كنت عارف وواثق انك حامل، بس فعلا انت غبية، عندك إصرار غريب بأني أحقد عليكي، مين ادالك الحق تداري حملك، افرضي مت من بالحادث،

يمكن محدش خد باله لان لبسك دائما واسع لكن لما دخلت عليكي وانت بلبسك الداخلي حملك كان ظاهر،


بكت بحزن ورفعت وجهه اليه بصدمه وسألته:

افهم من كلامك ان الذاكرة رجعت لك وافتكرت كل حاجه، بس امتي ياتري بعد مقابلتك الجافة ليا عندكم ولا بعد اللي حصل بينا، ثم انت عرفت منين اني حامل دي حتي نجلاء متعرفش ولا اخويا،


ضحك احمد واخذ يلعب في خصلات شعرها الحريري وفجأة قبض عليه بقوة كانه سينزعه عنه وقال بمكر :

لو سمعتي كلامي في الفيلا وطلعتي معايا كنت قولتلك، لكن غباءك ورفضك الاعتراف بإكمال جوازنا

عصبني وحلفت لادبك،

مرحمكيش من ايدى الا حملك اللي عرفت بيه امبارح بس  عن طريق دي


وأخرج من جيبه ورقه اختطفته منه مريم  بلهفه وقرات  ما فيها وصاحت:

ايه ده ازي وصلت ليك، ثم دي كانت من شهر فات

مش يمكن سقطت البيبي وبالذات ان مكتوب مكملات غذائية ومجموعة علاج للتثبيت الحمل خوفًا من  اجهاض منذر،


وضع يده علي بطنها ونزل علي ركبته محدثًا طفله:

يرضيك يا حبيب قلب بابا عمايل امك الغبية دا، علي فكرة  من صغرها وهي عنيدة وغربية كده معايا وده سبب عشقي ليها يعني مش جديد عليها، 

بس انت حاليا الي مصبرني علي غباءه اللي نفسي اكسر  دماغها بسببه 


استقام فجأة واخذ منها الروشته وقال:

وصلت ليا ازاي، هقولك، لما خرجنا الجنينه وطلبت منك تروحي وبكيتي وخدتك في حضني فاكرة

بعدها طلعتي منديل ومسحتي دموعك ووقعت منك 

بعد ما مشيتي كنت  هاين  عليا اجري وراكي اضربك علي عنادك واضمك لصدري

لكن لما لقيت الروشته وقرأت المكتوب فيها  خفت وقلبي اتقبض، وطلبت من صديق ليا طبيب يتواصل مع الدكتور بتاعك ويعرف منه حالتك بالظبط


وامبارح بس عرفت واتاكدت انك بخير وحملك بقي بخير، بعد ما رحمي اتوصل مع الدكتور بتاعك 

وكان بينهم الحوار ده بترتيب مني انا ورحمي،


اتصل الطبيب رحمي بالطبيب المتابع لحالة مريم 

وسأله بمهنية بحته:

السلام عليكم يا دكتور وحيد، انا الدكتور رحمي اخصائي جراحة ومخ واعصاب بالمستشفي الاستثماري لمجموعة ابراهيم ذهني

حاليا وصلت لينا حالة بتعاني من اغماء محير، ولقيت معاها روشته لحضرتك بتاريخ ../ ..../..... يعني من شهر فات، عن حمل وإجهاض منذر ممكن اعرف وضع الحالة قبل إجراء أي فحوصات  علي المريضة

لاستبيان الحالة المرضية او لو بتعاني من اي مشاكل بالحمل، او الحمل تم اجهاضة

وياريت لو تعرف ليها اي عنوان نستسدل بيه عن أهلها، تكون عملت معانا معروف


ساله الطبيب بحذر:

طبعا تحت امرك ممكن تبلغني اسم المريضة، وانا لو عندى اي معلومات تخص حالتها اكيد مش هتاخر


اخذ رحمي نفس عميق ورد:

اسم المريضة مريم سليمان، والعلاج اللي مكتوب ليها حقن للتثبيت ومكملات غذائية بتاريخ ../ ..


رد عليه الطبيب براحه:

مدام مريم لا الحمد لله الحمل تمام كانت هنا امبارح واطمنا عليها بالسونار وكمل الاسبوع ال١٦، والانيميا بدأت تتحسن كتير عن الاول بس هي ضعيفة جدا  ومحتاجه تواظب علي الفيتامينات، والتغذية السليمة

ده بالنسبة لحالتها لكن عنوانه للاسف مش هقدر افيدك الواضح انها وحيدة لانها باستمرار بتحضر المتابعه دايما لوحدها، حتي امبارح رغم فرحتها بان البيبي بخير لكن كانت حزينه جدا، ده غير انها كانت بتعاني من  آثار دور حمي ممكن ده  يكون سبب الاغماء، بس لو محتاج حضوري انا تحت امرك،


شكره رحمي واغلق معه الاتصال واتصل باحمد وأبلغه بأن حملها تمام ولا يوجد أي خطورة وهذا ما كان بينهم في المكالمة التي تمت في حضور يوسف،


عاد اليها احمد وسألها :

عرفتي انا عرفت بحملك ازاي، قوليلي بقي ليه يا مريم مبلغتنيش لما قابلتيتي في الفيلا عن حملك لا دا انت كمان انكرتي زوجنا ده حقي عليك، وترجعي تزعلي لجفائي وبرودي  معاكي


تركت حضنه وبعدت عنه وقالت بحزن:

مش خلاص يا احمد رجعتني لعصمتك بعد ما عرفت بحملي، وكمان خليتني اقسم ليك علي الطاعه، عايز ايه تاني خبيت أو دريت يهمك في ايه


حضنها من ظهرها بقوة واضع يده علي بطنها:

يهمني اعرف ليه عنادك مع قلبك ما اعترفتي بحبك  كان هيفرق ليه لما تفرحيني بحمك


لفت بين يداه القابضة علي خصرها  بتملك ونظرت الي عيناه بحزن:

اعترفت بحبي لانه حقيقية مقدرش ادريها ولا اهرب منه، حتي لو رجعت ليا يبقي شفقة بيا انا ليا انا مش غصب عنك ، لكن انت رديتني ليك وصابر عليا زي ما قلت علشان ابنك، اللي بيربطك بيا ابنك يا احمد مش راجع لمريم وذاته فهمت

لما اترجيتك تردني وتكتب عليا كنت منتظره بس تقولي حاضر تردني غلشاني انا، وقتها كنت هقولك اني حامل، لكن خلاص مبقاش منه لازمه 

هكمل حياتي معاكي مكسوره رغم حبي ليك ، بس طول عمري هعرف انك معايا مجبور علشان ابنك مش بمزاجك مهما حاولت تقنعني،

لو مش مصدقني افتكر نفورك مني وطردك ليا من الفيلا  وان مليش مكان فيها رغم ان الذاكرة رجعتك


ضحك احمد بقوة وضمها اليه وقبلها عدة قبلات متفرقه، حتي انها استسلمت اليه فنظر إلي عيناها وقال شعر فيهم:

عيونك بحري فيهم بتوه، وجسدك نعيمي عشقت لمستي ليه، وقبله من ثغرك رحيقي الذي يشفي شوقي اليك يا روح الحياة


ابتسمت بهناء لكلماته التي اسعدت  قلبها لكن الحزن مازال ساكن عيناه، امسك ذقنها وقال بمرح:

يا غبية بقولك كنت عايز تجي معايا اوضتي ، ممكن تفهميني ازاي اخدك واختلي بيكي وانت مش مراتي ومكنتش اعرف وقتها حاجه عن حملك،

لانك ببساطه مراتي، الروشته بس وقعت قلبي من ان طلاقي منك يكون وقع بسقوط حملك، لان تاريخها كان قبل ما افوق من الغيبوبة، اللي اول حاجه عملتها بعد ما فقت كان ردك وعلي ايد شهود لغيابك


حدقت فيه بذهول وسألته:

احمد بجد انت رديتني بعد ما فقت طيب ازاي وانت فاقد الذاكرة معقول عملتها لعبة علشان تنتقم مني


شدها اليه بقوة واخذ يدها ووضعها علي قلبه الذي ينبض بقوة من فعل شوقه اليها وقال:

عارفه لولا فرح محمود ومبنفعش اغيب عنه، كنت حبستك معايا وخلصت شوقي ليكي، وفهمتك بالعشق انت بالنسبالي ايه

انا انتقم منك كنت انتقمت منك زمان عن مقالبك معايا، ممكن اأدبك اه لكن انتقم منك بعشقي ليكي


نهض من جوراها وجذبها اليه لكي يضمها واكمل:

انا فعلا مفقدتش الذاكرة بس لعبتي ده مش انت المقصودة بيها، كان اخواتي وطارق

مش فخور باني اجبرتهم علي التجربة انا وبابا، 

ممكن يلتمسون لبابا العذر بأنهم أولاده وليه حق يطمن عليهم وعلي ثروته بين أيدهم

لكن انا زيهم واخوهم الكبير اللي عشت معاهم ذل الاحتياج ومرارة الشقا، كان واجب عليا اعرفهم واترك ليهم حرية الاختيار وبالذات انها كانت فكرتي

الحادث كان فرصه لتكاتف اخواتي وعدم أخذهم موقف مغاير مني بعد كذبتي بفقدى للذاكرة، 

رغم قدرتي علي إقناعهم لكني تركت المهمه دي لبابا واختفيت انا وراء ذاكرة ضائعه

وكمان خفت اخسر صداقتي بطارق اللي عرفت اصل حكايته من اخوه  عادل،بعد ما شهد علي جوازنا فهمتي يا استاذة غباء هانم ولا تحبي اعيد،


عناقته بقوة وقالت برجاء:

طيب احكيلي يا احمد ازي رديتني ارجوك وحياتي عندك وكمان انت تعرفني منين وانا مش فكره اني اعرفك قبل كده رغم ارتياحي ليك 

حتي لما بوستني في التكعيبة معرفش ازاي نسيت نفسي، وقتها حسيتك قريب مني وقلبي بيتمناك من يومها قررت ابعد عنك خوفًا من اني أضعف ليك


ضمها اليه أكثر وقبل ثغرها المثير وقال:

هقولك يا ست قلبي انا ، اعرفك متين وامتي قلبي حبك والقبلة دي كان سببها ايه

بس الاول اعرفك رديتك ازاي، انا لما فوقت لقيت بابا جمبي وعرفت اني بالمستشفي من المحاليل والأجهزة اللي علي قلبي،


بصيت لبابا وسألته:

بابا حبيبي انت بخير طمني رائف المجرم عمل ايه بعد ما ضربني بالنار


نهض ابراهيم مسرعا واحتضنه بقوة:

ابني حبيبي رجعت ليا احمدك يارب انك رديته من الموت لابوه وأمه وأخواته

اطمن يا احمد انا بخير، ورائف خد جزاءه ومات كافر بعد ما قتل نفسه بياس

وانت بقالك ثلاث شهور في غيبوبة لكن ربنا كريم ورجعت لينا بالسلامه


امسك احمد يده بقوة وصاح بهلع:

ثلاث شهور انت متاكد مش ممكن يعني كده خلاص، مريم بقت طليقتي مش ممكن  ليه طلقتها انا غبي


استغرب ابيه انهيار فجأة وسعيه للنهوض لكنه منعه وطلب منه برجاء أن يهدأ ويفهم ماذا يقصد بطلاق مريم ولماذا طلقها من الاساس؟!

قص عليه احمد ما كان بينهم وإجباره له وتفكيره بأن يعود إليه ويردها له بعد أن يخلصه هو واخته

لكن اتت الرياح بما لا تشتهي السفن، وأصيب ودخل بغيبوبة طويل انتهت خلالها عدته


ربت ابيه علي كتفه وقال له يطمئنه:

طيب أهدى. لسه فاضل اسبوع في عدتها، احنا لسه ١٨ في الشهر وانت طلقتها يوم ٢٥ يعني قدامك فرصه تردها، شد حيلك انت بس وقوم بالسلامه


تنهد احمد بقوة وقال لأبيه:

ابعت لرحمي يجي يفصل الأجهزة دي انا لازم اروح ليها اردها، انا مش هسيب المتخلفه دي تضيع متي تاني انا مصدقت  انهارجعت لحياتي  وبقت مراتي


كان هذا أثناء دخول رحمي عليهم الذي ابتهج لافاقته من الغيبوبة ودلف مسرعا كي يفحصه ويتاكد من أن مؤشراتها الحيوية بخير امسك احمد يده وقال:

رحمي عايز اخرج من هنا، ارجوك ساعدني لازم ارد مراتي قبل عدتها ما تخلص،


ضحك رحمي وقال بمرح وسخرية:

هي مين دي اللي جبتك علي بوزك يا عبقري، ثم عايز تردها ما تردها هو لازم تعاشرها

اشهد عليها اتنين عدول وردها لعصمتك ولما تقوم بالسلامه روح ليهم وعرفها انها لسه علي ذمتك


اخذ احمد نفس عميق وقال:

 صح، كده تمام نظر الي ابيه ورحمي وقال بثقه

اشهد الله واشهدكم علي ذلك  اني راجعت زوجتي  مريم  الي عصمتي ولها عليا كامل حقوقها الشرعية والقانونية، كزوج 


ربت ابيه علي كتفه وبارك له:

الحمد لله انك رديتها ممكن تهدأ بقي لحد ما اتصل باخواتك ابلغهم انك فقت وقمت بالسلامه


رفض احمد بشده وقال له معللًا:

بلاش يا بابا انت عارف بعد ما كل حاجه انتهت اتفقنا نصارحهم، ياريت تقعد معاهم وتوضح ليهم عملت كده ليه

يمكن وانا مريض وبغيبوبة هيغفرو ليا اجباري ليهم لكن لو واجهتهم هخسرهم انا عارف اخواتي كويس


احتج ابراهيم  رافضا إنكار عودته اليهم وقال:

معقول يا احمد خايف من مواجهتك ليهم، وعايز تدفن نفسك في سرير ايام وشهور تاني، 

لاء يا احمد  انا برفض لان محتاج ليك تقود المسيرة من بعدي وتكمل طريقك مع اخواتك 


امسك احمد يده وقبلها وقال:

والله ما خوف بس احترام لمشاعرهم، مش عايز حد منهم ياخد موقف غاضب يخسرنا بعض بعد ما قربنا اوووي من بعضنا، وقت التجربة 

اخواتي هيتقبلو كلامك وتبريرك لكن انا صعب ينسو اني فرضت عليهم التجربة،

ارجوك يا بابا ساعدني اكسب حب اخواتي من جديد ومخسرش حد فيهم،بسبب افعالي الشديدة وحرصي علي ثروتك بتخطيطي واختياراتي الصعبه عليهم


لاحظ رحمي معاناة ابراهيم وكذلك احمد ظلم نفسه وكفاحه النبيل في سبيل الكل وعرض عليهم اقتراحه:

طيب يا احمد انا عندى حل يرضيك ويرضي والدك  يخليك تفوق من الغيبوبة وتكون بين اخوانك بدون ما تضطر لمواجهتهم، ايه رايك 

بما أن إصابتك كانت في الرأس تمثل لما تفوق من الغيبوبة انك ناسي كل الاحداث المرتبطه بالحادث

ده بيسمي فقدان ذاكرة رجعي وبتعود الذاكرة بعد فترة مع العلاج، وبكده والدك هيبرر ليهم أفعالك وبنفس الوقت هتكون بينهم وتقدر تسترد حبهم بدون ما يغضبك منك حد فيهم، تقديرًا لحالتك،


تنهد احمد براحه وكذلك ابيه ورتبي كل شئ علي أن يفوق احمد من الغيبوبة متناسيا كل شئ عن الحادث

***********

ابتسم احمد فجأة لمريم التي تغيرت بين يداه الي فتاة شقية لعوبة وقبلته بقوة وقالت:

بعشقك بعشقك يا احلي حاجه في دنيتي، مش عارف يا احمد  حرصك علي  انك تردني مجرد ما تفوق من الغيبوبة وقبل ما تعرف بحملي فرق معايا قد ايه، انا بموت فيك والله وسامحني علي غبائي معاك بس بردك مقولتليش انت تعرفني منين


حملها فجأة من خصرها ولف بيها وقال:

هقولك بس بعد ما ترضيني انا صحيح رديتك رسمي بعلاقتي بيك بس عايزه حلاوتي


دفعته في كتفه بغيظ ودلال:

بس يا احمد نزلني،هو  انت مش بتشبع ثم مش قولت انك لازم تحضر فرح اخوك،

بطل دلع  ونزلني وقولي بقي تعرفني منين


انزلها وجلسا سويا وقال بمشاكسه:

تعرفي انك انت السبب بان دور الحمي بياثر عليا، لان بعد فراقك عني اشتقت ليكي وبسبب دراستي وتعب ماما رفضوا ازوركم

وفضلت قاطع الاكل اسبوع وأصيبت بالحمي وبسبب ضعفي وسوء التغذية والانيميا الحمي اتمكنت منا وأصيب بخلل  بقي سبب مباشر مع كل دور يظهر  الخلل اللي ممكن يؤدي بحياتي 


طالعته بحيرة وانتفض قلبها خوفًا عليه وتسالت بصدمه، هل ما يعاني منه هي سبب فيه، وهو أيضا سبب ما جمع بينهم فسألته :

احمد انت بتتكلم بجد انا سبب مرضك بالحمي طيب ليه وازاي وامتي حبتني  واذيتك بالشكل ده

ياتري قبل وصية ماما ولا بعدها ممكن اعرف هي وصتك بأية ، بس الاول هي تعرفك متين وازاي تأمن ليك انت وتخصك بوصيتها 

انا محتارة في امرك احمد انت مين وتعرفني منين،


امسك يدها وضمها اليه وقال:

من شويا قولتي انك عشتي عند صديقة مامتك عشر سنين مش فاكرة مقالبك في ابنها الكبير وعده ليكي

مش فاكرة ورقه اللي كنت بتلونيه وتخربيه ليه علشان ميروحش المدرسة ويسيبك لان مدرسته مشتركه وفيها بنات،

مش فاكره طنط دولت اللي كانت بتديلك كوباية اللبن وترفضي تشربيه الا معاه

ولما يرفض تغرقيه بيها وتصحيه من احلي نومه 

وساعات بقطع الثلج اللي تحطيها في هدومه

لحد ما في يوم كان بيعمل مشروع وجهزها علشان يسلمه وبيحط البرفن

قوماي غيرتي البرفن بتاعه ببرفن حرامي نفاذ وكمان خربتي المشروع 

ولما رجع يحاسبك بعد ما اصحابة اتريقو عليه قولتيله بكل برود وبجاحه


شهقت مريم واكملت كلامه بصدمه وعدم تصديق

سانجاف احمد سانجاف ، انت احمد ابن طنط دولت مش معقول يالهوي دا انا كنت بموت عليك بعد ما رجعنا وماما ياما قلت ليها نزوركم قالتلي كلمة مش قادرة انساها ويمكن ده سبب دفن مشاعري ليك

يابنتي هما فين واحنا فين بصي علي قدك وشوفي انت عائشه فين وهما فين  وارضي بعيشك ونصيبك

العين ما تعلاش عن الحاجب يا بنت عمري


ضمها اليه وقال وهو بعض شفتاها بغيظ:

اولا بطلي كلمة سانجاف دي لاطلعه علي عينك، ثم عين ايه وحاجب ايه مامتك كانت عارفه أننا هنسكن عندكم بعد ما بابا وصاها 

ولما قولتي عليا اني احمد اول ما دخلت ليها مسكت ايده وملست علي وشي وقالت لي

بصي ليا يا احمد مش فاكر الخلقه دي ولا البعد والجفا نساك خالتك فوقية

محستش بنفسي غير وانا برمي نفسي بحضنها وببص عليكي عايز  اقوم اخطفك بخضني، 

لقيتها بتقولي روحت فين يا احمد:

رديت عليها:

مفيش يا ماما فوقية، بس مريم كبرت واحلوت اوي


ضحكت وقرصتني من ودني وقالت لي:

ولسه انت وهي ناكر ونكير، المهم مدام شايفها حلوة وكبرت اوفي بوعدك  بقي واتجوزها ولا نسيت انك خطيبها، من صغرها،

رديت عليها بحرية وارتباك:

فعلًا يا طنط مريم خطيبتي واوعدك هتجوزها بس اكيد مدام عرفتيني يبقي بابا عرفك احنا هنا ليه اخلص مهمتي واتجوزها بعدها ده وعد


لقيتها مسكت ايدى وشدت عليا وقالت:

احمد انا عارفه انك قد كلمتك بس اوعدني أن مريم ومصطفي هيكون في رعايتك، وتوفي بوعدك ليا اتجوزها، دي مقسومه ليك من صغرها

طمنتها وبقيت افكر  ازاي اتخلص من ارتباطي بمي هو ده اللي كان مزعلني يومها يا قلبي


تنهدت مريم بارتياح وضمت نفسها اليه بقوة وقالت:

اه يا احمد معقول القدر جمعنا علشان موعدين لبعض


رفع وجهه اليه وقبلها بقوة وقال:

موعدين وهنتوعد ويلا يا جميل، نفرح ماما بحفيدها انا سيبت ليهم فرحتهم بابنهم وهكملها بفرحتي

علي فكرة بابا الوحيد اللي عرفته بحملك وسعيد وفي انتظار رجوعي بيكي لانه كان شاهد علي ردك


نظرت مريم اليها بخجل وقالت:

روح انت يا احمد مش هينفع احضر معملتش حسابي

وهدومي كلها مش مناسبة 

بالذات بعد ما عرفت انت مين وابن مين 


ضحك بقوة وقال:

قومي خدي شاور وملكيش دعوة اي حاجه تلبسيها هتليقك عليك، يا حبي


لم تعترض فهي زوجته الان ووجب عليها مشاركتها في كل مناسباتهم

خرجت من المرحاض وتفاجات باحمد مرتدي بدلته وبيده فستان قمه في الشياكه والأناقة وقال:

فستانك يا حبي، احدث موضة للحوامل طلبته مخصوص من باريس فستان يليق بزوجة الدكتور أحمد ابراهيم ذهني يلا يا جميلتي

قبل ما اتهور واحبسك شهر اعوض فيه غيابي عنك


أمسكت منه مريم الفستان وانبهرت بملمسه الناعم وفجأة قالت بصدمه:

احمد معني كده أن فستان الفرح ملكي مش ايجار والشبكة كلها الماظ مش تقليد،


هز راسه بالايجاب وفتح امامه طقم من الياقوت والالماس يناسب الفستان وقال:

وده كمان احلي كولية لاجمل انسانه في حياتي

يلا بقي الجميل يجهز علشان نلحق الفرح،


ساعدها احمد في ارتداء ثيابها وتأكد من هيئتها التي أصبحت تنافس بنات وسطهم الراقي

اخذ بيدها وركبها سيارته وركب بجوارها بسعيد بعودته اليها وطفلهم القادم الذي سيكون اول الاحفاد  أما مريم فقد مالت علي كتفه واحتضنته ذراعه بقوة  فخوره بزوجها  من حبيب طفولتها وحملها منه

واخذت  تنظر الي مستقبلها المشرق معه بعد أن يزف الي ابيه وأخواته خبر حملها، 

فوضعت يدها  علي بطنها سعيدة بان  الله عوضها ااخير عن  تعب سنوات كانت هي العائل لأخيها وامها المريضة بحب كبير وطفل سيكون رباطها المقدس 

بزواجها النبيل خلقًا واخلاقًا 

***************

يتبع ......

الي اللقاء في الخاتمه  من هنا






   سلمى سمير
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع روايات سلمى سمير .

جديد قسم : رواية (رجال لا يهابون الحياة)

إرسال تعليق