-->



الفصل السادس

........................

اتكأ على سيارته السوداء بلون قميصه الأبيض الذي يلمع مع لمعان السيارة..رغم أن البرودة شديدة لكنه نسي أخذ سترته معه إلا أنهُ قاوم البرد و هو ينظر للفتيات الكثر اللاتي يخرجن من باب الثانوية الضخم..ارتسمت على شفتيه ابتسامة عابثة محدقاً باختلاط الفتيات و الشباب معاً حسناً أنها ثانوية خاصة و رسوم الدراسة مرتفعة جداً و هذا ما يراه حقاً حيث جميع الطلاب بدو له في مستوى واحد من الحالة المادية طبعاً الكل يبرق نظافة

ناهيك عن الحقائب التي استطاع تميز نوع ماركاتها الفاخرة ..هذه الثانوية لا تريحه بتاتاً حيث اختلاط الشباب المنفتح مع الفتيات يثير قلقه..

ابتسم بسخرية على حاله لقد كان يوماً طالب ثانوية و لم يترك فتاة إلا وغازلها و الآن اصبح يفعل ما هو افظع ..و الغريب بالأمر أنهُ يخاف على

ندى يخاف عليها من من هم امثاله !!..فور أن رأى جسدها الصغير يخرج من البوابة حتى انطلق ليتقدم إلا أنهُ تراجع لتضاق عينيه بحذر حين رأى جسد الشاب يعترض طريقها بخفة ليوقفها بابتسامة تخفي المكر يعرفها هو جيداً أنها ابتسامة تكون غالباً خداعة..اكتفى فقط بالنظر لندى تبتسم بلطف تحاول اخفاء ارتباكها و هي تعبث بخصلات شعرها بخفة..لم يستطع الوقوف اكثر هكذا تحركت قدميه فوراً ليتجاوز الطلاب غير مهتم بانظار الفتيات نحوه بالحقيقة لم يكن الوقت مناسب الآن أو ربما الفتيات الصغار هن آخر اهتمامه

- " ندى.."

نطق باسمها و هو يقترب آخر خطوة ليكون مستقراً بجانبها تراجعت خطوة للوراء تلقائياً لتنظر له بدهشة من وجوده

نطقت دون أن تفكر

-"أيمن.. أليس من المفترض أن تكون في الشركة..؟.."

قال ليمسك بكتفها بلطف غامزاً

- " جئت لأراك .."

تبسمت بارتباك ليحيط جسدها بذراعه محركاً رأسه اتجاه الشاب الواقف قائلاً

- " لم تعرفيني على زميلك.."

اشار بعينيه نحو الشاب الواقف بجانبهما مبتسماً مخفياً بداخله اعصاب تالفة فذاك الشاب الواثق من نفسه لم يظهر اي ملامح خجل او حتى توتر بل بالعكس وقاحة عينيه لا يفهمها إلا من هم امثال أيمن ..تداعى اللطف و هو يسمع ندى تشير لشاب هاتفه

-"فؤاد..زميلي ."

اكملت مخاطبة فؤاد

- " انه أيمن ابن عمي.."

اكتفى الشاب بابتسامة واثقة ليصافح ايمن بنفس الثقة احس بتوتر ندى حين سأله ايمن قائلاً

- " تبدو لي اكبر من أن تكون بعمر ندى.."

-" نعم أنا في آخر سنتي بالثانوية.."

حرك رأسه بخفة ليقول محاول كبت اعصابه

-" هيا ندى تعالي معي."

امسك بمعصمها ليقودها نحو السيارة بهدوء دون أن يثير أي مخاوف بداخلها بل قال كأنهُ لم يرى شيء

-"سأوصلك للبيت..وسائقك تكفلت بصرفه "

بخوف اعتلت المقعد الأمامي لقد احرجها امام فؤاد حتى أنهُ لم يقول له " تشرفنا.." بل تركه دون أن يقول كلمة

من الأفضل لها أن تصمت هذا ما فكرت به و هو يحرك سيارتة مبتعداً عن الثانوية بين الحين و الآخر كان ينظر لها

يلمح علامات الخوف بوجهها ليبغاتها فجأة بالقول

-"لماذا أنت خائفة ..؟.."

اجفلت لتحدق به ببعض الشك فابتسم لها بارتياح ليقول

- " هل من المعيب أن يحدثك زميلك في الثانوية..؟..لستُ امتلك عقلاً سطحياً يا ندى حتى اغضب من منظر عادي جداً انت بالنهاية تدرسين بثانوية مختلطة و أن تقفي بجوار شاب يعتبر امر عادي .."


لم تعلق بكلمة واحدة فقط هزت رأسها لتعاود النظر لنافذة..كم أن هذه الفتاة سهلة.. لقد ادرك فوراً أنها خائفة و لن تخاف

إلا لو ارتكبت حماقة فلو لم تكن ارتكبت شيء غبي لما خافت حين رآها مع المدعو فؤاد..نظر لطريق ليعاود النظر إليها قليلاً حين قالت له


- " لا تخبر ياسمين .."

نطقتها بفراغ محدقة باصابع يديه المثبتة على المقود ..عقله كان يضرب بأمور كثيرة فياسمين المتوحشة

قد تدمر اختها بحرصها الشديدة ربما تخنقها فتلجأ ندى للآخرين ...لأول مرة يشعر ببعض الاهتمام ببعض المسؤولية نظر لندى

ليقول

-" أنا لن افعل ذلك..وبابتسامة محببة اكمل..و إن احتجت لمساعدة اخبريني انا فياسمين مزاجها متقلب دوماً.."

كأنه لمح ابتسامة تبرق بعينيها ليحرص بتلك اللحظة على كسب ثقة ندى ..فالأمور غير مريحة له ابداً خاصة بعد أن لمحها تعود في البارحة إلى القصر بوقت

متأخر و نفذت من ياسمين بأعجوبة فاخته الغبية شهد تخبر الجميع أن ندى منهمكة بالدراسة بينما هي غير متواجدة في القصر..!!. أين الرقابة التي احاطت باسرته منذُ زمن طويل...افاق على صوتها و هي تسأله

- " ليس هذه طريق العودة للقصر..إلى أين نذهب.."

- " لمقر العمل..أريد ان اريك مبنى الشركة .."

اتسعت ابتسامتها لتقول بفرحة

- " يا ألهي هل يمكنني أن ادخل إلى مكتب عمي..اتوق لرؤيته كيف يعمل و أين .. وايضاً انور.."

ضحك بخفة ليقول

- " و ماذا عني ..؟ ألا تودين رؤية مكتبي...؟.."

- " اه نعم..صمتت لتكمل ..لكنك لا تعمل بجد كأنور.."

- " رباه أنا سأغار هكذا.."

لمحت ابتسامة التسلية به فضحكت بمرح و خلال دقائق كانت تقف امام مبنى ضخم عالي لم تركز بتأمله كثيراً متشوقة لداخله اكثر دخلته معه لتسير بجانب أيمن داخل المبنى الضخم والاجواء فاخرة مبهرة لتشعر بهيبة المكان و لأول مرة ركزت أن ايمن يمتلك وسامة خارقة فأعين النساء تلاحقه من كل مكان ..ابتلعت ريقها و هي تنظر

لنظافة المكان كل شي يلمع و الرجال يلبسون زي رسمي بينما أيمن يسير بجانبها بملابس غير رسمية..! ..ضاقت عينيها تحدق بمن يعترض

طريق ابن عمها يحدثه قليلاً ثم ينصرف اسرعت خطواتها لتسير بجانبه ليقودها نحو احدى المكاتب احست بالكلام يختفي من لسانها

حين توقف يحدث السكرتيرة ..امرأة غبية تبتسم له باغراء و قد بدا انه يعرفها من قبل لكنها تمثل دور الرسمية بالعمل بفشل..

امسك بكف ندى متقدماً نحو الباب ليفتحه دفعها اولا لتدخل قبله قائلاً

- " مرحبا أبي ..لقد احضرت ندى مفاجأة لك .."

سكت يحدق بمن يشارك والده المكتب ابتسامة سخرية زينت شفتيه ليقطع آخر كلامه محدقاً "بياسمين" تجلس في الكرسي ويفصلها عن والده

المكتب بخشبه الثقيل كانت تنظر إليه بكل براءة و حياء و أنور يجلس مقابلاً لها على الكرسي الآخر..

اكمل كلماته ساخراً

-" يبدو ان كلانا يعد مفاجأة للآخر.."

اكتفى السيد حلمي بأن يعطيه نظرات تطالبه بالسكوت فيما يرحب بندى التي اقتربت نحوه بكل حب لتحتضنه هاتفة

- " عمي مقر عملك رائع.."

قَبل رأسها بود ليأتي صوت ياسمين بخفة هاتفة

- " ندى كيف كان الاختبار ..؟.."

نظرت لياسمين لتقول

- " جيد.."

اكملت كلماتها لتتجه نحو انور مكملة

- " انور تلك المسألة التي قمت بشرحها لي جاءت في ورقة الاختبار بالنفس الصيغة طبعا انا حقاً شاكرة لك.."

ابتسم ليجلسها بالكرسي الآخر بجانبه يهاتفها بأسلوب عفوي محبب غير عابت بالأعين السوداء التي تحدق بالجميع ببرود بل كان يهرب من الجو المشحون و هو يلاطف ندى لكن صوت أيمن اخترق مسامعه بالاجبار

-" ياسمين ..لماذا أنتِ هنا..؟ أعمال الشركة تهلكك مثلاً ..!.."

لم تنظر لهُ ياسمين فقط بل الجميع حدق به و كأنهم ينتظرون أن يبدأ الجدال..لقد بات الأمر شبه اعتيادي حيث من الضروري أن يبدأ

ايمن بإثارة المشاكل مع ياسمين لأسباب سخيفة كما يعتقد الجميع غافلين عن حقيقة ياسمين التي تبدأ بإثارة المشاكل بالخفاء

فتثير صبر ايمن كثيراً فهو بالعادة لا يمتلك صبراً بالاساس..قالت له بهدوء

-" أنا اتدرب للعمل .."

- " كيف...؟..ومنذ متى ..؟.."

قالها بسخرية واضحها ليطلق ضحكه مستفزة فيأتي صوت والده حازماً

-" و هل الأمر لا يعجبك مثلاً..؟..لو كنت تعمل بجد كنت ستعرف أن ياسمين تأتي لشركة منذُ أيام تراقب كيفية العمل ..لكنك اقل من أن تهتم بهذه الأمور...."

نظرات انور كانت راجية تحث الجميع على تمالك الأعصاب هما ليس في القصر ويبدو أن أيمن استجاب للأمر بسهولة حيث غادر المكتب

بتعصب سائراً نحو مكتبه ..هذه المرة دخل إلى المكتب دون أن يبتسم لسكرتيرته الوقحة و التي تسعى لأرضائه دوماً

رغم انها كانت تحدثه بغيرة إلا انه لم ينتبه لها بل دخل المكتب جالساً على الكرسي المريح ليمرر يديه بانهاك بين خصلات شعره فيما الملفات منتشرة بالمكتب بشكل مغيظ....العمل في المكتب اصبح مملاً للغاية و هو لا يعمل إلا القليل فأنور من يساعده بكل شيء تقريباً لكنه متمسك بمنصبه يعرف انه لو

خرج من العمل لن يحصل على المال الوفير وماذا بعد إلى متى..؟..يشعر أن عقله مشوش للغاية اكثر تشوش من كل سنوات حياته السابقة فقط بمجرد أن يتذكر خيال تلك الجنية..آه..اطلق تأوه عميق قبل أن يتنهد محاولاً الاسترخاء لكن أين و متى سيحصل على هذا الاسترخاء مشاكله تلاحقه حتى قاع عمله ..اجفل على صوت حركة خفيفة لتتحرك عينيه فوراً

نحو باب الحمام حيث فُتِح الباب بتلك الاثناء ..الآن فهم لما كانت سكرتيرته مغتاظة فقد اخبرها من قبل أن يسمح

لسلوى بأن تنظره داخل مكتبه ...كانت تقترب منه و هي تخلع معطفها الطويل ليكشف عن ثوب قصير ركعت بجانب

كرسيه فور أن وصلت إليه تهمس له بكلمات وقحة و خلال ثوان كان يقبلها بوحشية لم يعلم كم استمر معها كان فقط يريد ينسى ...لا يعرف ما يريد أن ينسى لكنه يريد أن ينسى كل همومه ابتداء من اول يوم دخلت فيه الزرقاء إلى القصر .. يديه كانت تمر بين خصلات شعرها الأحمر يقبل شفتيها بحرارة وبلحظة فقط كانت عينيه تتشوش فيصبح غير قادر على رؤية من بيديه لتظهر عينيها الزرقاء بدلاً من العينين العسلية اخذت يديه تمر على شعرها ببطء و قبل أن تنزل لتلامس عنقها ظهرت له

بالكامل نعم لقد راها بينما يقبل آخرى رأى شبحها امامه كأنها قامت لتوها من مدينة الثلج برودة قارصة بتلك البشرة البيضاء

كعاج دمية باربي و شعرها الاشقر ببريق ازرق لتجلب له البرودة اجفل فجأة ليتراجع إلى الوراء محدقاً

بالفاتنة تنظر لهُ مستفهمة تراجعه عنها هكذا..وقف فجأة يقاوم رجفة داخلية اصابت جسده ليأخذ منديل ورقي يمسح اثر لون احمر الشفاه من فمه قائلاً بجمود

- " تذكرت شيء مهم ..غادري فسأكون مشغولاً.."

قالها بهدوء فاشل ليخرج من المكتب قائلا لسكرتيرته

- " احرصي على أن تغادر المكتب بسرعة.."

لم ينتظر ردها حتى سار من دون جدوى لا يعرف أين يذهب بين ممرات الشركة اخذ يتنقل هنا و هناك ليذهب لمكان معتزل

حيث باب خروج الطوارئ الهدوء كان يعم في ذاك المكان ..حرك رأسه بعجز ليتكأ بذراعه على الحائط.. اخذ يتنفس بصعوبة

ياسمين ..ستقلته هذه الفتاة أنهُ يعجز عن فعل شيء..أنها ليست من نوعه المفضل ابداً لا تمتلك جمالاً يريده و لا حتى لساناً مؤدباً

بالعكس ...كز على اسنانه بالقوة محركاً رأسه نافضاً صورتها المهيبة من عينيه ..لو كان الأمر بيده لسلمها لنزار و ارتاح

لكن ليست المشكلة والده فعندما انتزعها من بين يدين نزار لم يكن يفكر بوالده بذاك الوقت ..صوت الحذاء خلفه اعاده للواقع لابد أن سلوى تبعته فكر بذلك قبل أن يتلاشى كل شيء حين جاءت

إليه بقدميها و كأنها لا تدرك كم أن الأمر خطر

- " مسكين !..كم ان الأمر مزعج ..أهو العمل الكثير يا سيد الأعمال.."

ضرب جانب رأسه بخفه بالحائط المتكأ عليه ..و كأنهُ لم يسمع صوتها المستفز فآخر ما يريد أن يرآه الآن هو ظل ياسمين من دون شعور باشر باخراج سيجارة ليضعها بين شفيتها بعد ان اشعل لهبها بالقداحة مقرراً أن يتجاهلها فتذهب..

اخذ يستنشق هوائها الملوث بشراهة بينما يستمع لصوت خطواتها تتقدم إليه دون يأس و هي تهتف بهدوء مستفز

- " لا تكن منزعجاً..لأني سأعمل فقط على ازعاجك.."

بقوة ضرب بذراعه الحائط وكأنه ما عدا يستحمل استدار بثوران ليقابلها بشراسة..شعرها الاشقر منثور بحرية و عينيها كلها شر..

خرج صوته بخشونة ليقول

- " و ماذا بعد ياسمين ..؟.. هل تلاحقيني حتى مكاني ..؟..بحق الله أي نوع من البنات أنت....ألا تخافين

عاقبتي..اكمل بقسوة ..أرحلي عني الآن..اكمل ساخراً.. ..لا اريد اذيتك بهذه اللحظة ابتعدي عني.."

بالفعل كان مشوش من افكار غريبة و هو لا يدري ما يريد لكنها لم تحرك قدميها خطوة واحدة بل ظلت ثابتة بمكانها تتحرك شفتيها ببطء فتتفاعل عينيها معها بسخرية صوتها

- " لا يا رجل أنا لن ارحل لأني أنا من يريد اذيتك ايمن ..أنا و لست أنت حتى لو ركعت أمامي تطلب الهدنة فأنا لن اتركك

بحالك..لاني مختلفة جداً عن بقيت البنات لأني سأعيش فقط لحرق ما تبقي من اعصابك حتى لو ترتكني بحال سبيلي..

فأنا من سألحق بك هل تعلم لماذا..؟.."

اجابت على نفسها بقسوة بعد لحظة هدوء

- " لأنك فاسق..لأنك شيطان..و الشيطان مكانه في الجحيم .."

جحظت عيناه متوسعة انقبضت كفيه بقوة يحدق بها بصدمة بعجز لقد مل..احياناً يتوق لارعابها واحيانا يصيبه الملل..و الآن يقف مشتت

امامها اقتربت خطوتين نحوه لتدمر حاجز التشتت منه ممسكة بياقة قميصه باصبعيها عينيها تنظران للارض و كأنها تحتقر النظر إليه

فيما لم يحرك هو ساكناً على صوتها الهامس ..

- " الرجال هكذا..إن احسنت إليهم اصبحوا كالذئاب و إن لعبت معهم ألعاب السحر و المكر خسروا..

خسروا و اصبحوا كالكلب يجري وراء العظام.."


اصبحت عينيه حمراوتين من شدة الغضب رفعت عينيها تنظر له باستخفاف لتكمل

- " أيمن..أنا حقاً أنوي الاستيلاء على القصر..فأفعل شيء لتوقفني أنا اتوق لرؤية خسارتك.."

مرة اخرى صمت ..فاكملت ببطء

-" سأتزوج أنور..سأحوم حوله كالفراشة ثم سأصبح سيدة القصر..شيء فشيء سترى نفسك مطرود منه..تماماً كما يحدث في القصص الخيالية .."

بعيناي زرقاء راقبت تفاعله الخطر معها..احمرار عينيه تصلب عظامه تغير ملامحه ..انفاسه..كادت أن تنتفض على لمسة يده

الجافة بل اصبعه التي مرت على طول أنفها بخفة شفتيه التي تحركتا بهمس كأن صوته عجز عن الخروج

-" اشششش..لا تتحدثي اكثر..حافظي على حياتك ياسمينا ..نحن في شركة العمل...."

لأنها شركة عمل هي كانت تستجمع قوتها فهو لن يتجرأ على فعل اي فضيحة ابتسامة تراقصت بشفتيها قبل ان تنحسر فجأة تحت اثر

شهقة لا ارداية انزلقت منها..هذه المرة بدا فاقداً عقله وصوته الخشن كمن يستعد لافتراس عدوه يهدر بقوة

- " تعالي يا ياسمينا معي تعالي لأعلمك كيفية الوقاحة الحقيقة..ثعلبتي المكارة.."

جسدها كان يترنح من سحبه القوي لها هي حتى لم ترى إلا أين يأخذها إلا أن كل ثقتها تلاشت حين فهمت أنه يدفعها نحو الباب

و ليس أي باب..بل باب مكتوب عليه .." باب الطوارئ.." ..الآن تشعر بالخوف قليلاً لا كثيراً..ياسمين ماذا جنت على نفسها..؟

دفعته بقوة لتتخلص من قبضتي يده متصنعة عدم الخوف بينما كل خلية من جسدها تنتفض تكاد تسقط في هذه السلالم المغلقة المؤدية لمخرج ما..تصنعت الشجاعة بذكاء

و هي تتخلص من ذراعيه و تتراجع خطوتين للخلف بخفة ..امسكت بالجدار بيدها لتنظر إليه هاتفه..

- " لا تفكر أن تعمل شيء معي..اقسم أنني.."

قطعها بتحذير..

- " اخرسي..ولا كلمة.."

تقدم نحوها دون أن تفارق عينيه النظر لوجهها يشعر أن الغضب يكاد يتقله الآن هتف من بين اسنانه

- "تقولين امامي أنك ستسغلين أنور..و من هو انور يا ذكية هل لأنه هادئ تعتقدين أنهُ لا يمتلك مخالب.."

قطع المسافة بينهما ليمسك بكتفيها بين كفيه بقوة يعتصر عظامها مستمتعاً بمنظرها و هي تكز اسنانها تقاوم الألم

اكمل بقوة ارعبتها

- " ذرع والدي انتهى يا ساحرة..هنا في مخرج الطوارئ لن يعثر علينا احد..و بدل أن ادع انور

يقطعك بمخالبه حين يدرك العملة ذات وجهين سأفعل أنا ذلك ..فأنا كما قلت يا ياسمين..شيطاااان .."


صاحت و هي تدفعه للأمام لتنسى انها في سلالم ترنح جسدها في السلالم لتمد يدها متمسكة بقميصه لكنه بحركة مخيفة تراجع إلى الوراء

ليسمح لجسدها يتقلب على تلك السلالم ..فتسقط في نهاية السلالم الاولى ..عينيه كانت تتلذذ بمنظرها و هي تتقلب امامه تحاول

أن تمسك بشيء لكنها عاجزة..فلتعجز يريد أن يجعلها تشعر بهذا الشيء..بخطوات ثابتة نزل نحوها مستمعاً لصوت تأوهاتها انحنى بجسده ليجلس القرفصاء امامها..لم يلمح أي اثر لدم بل بالعكس قطة بسبع ارواح لم تسمح له بالتشفي بها حيث اتكأت

على الأرض لتسند ظهرها على الجدار مقاومة آهات كادت أن تنزلق من فمها ..عينيها كانت شديدة الزرقة و هي تحدق به

" نذل.."

تمتمت من اعماق قلبها فهو كان يستطيع مساعدتها انفتحت شفتيها لتشتمه حين لم يتأثر بالأولى لكن اصبعيه امسكت

بفكها بقوة ليخرج صوتها غير مفهوماً..احست بعينيه تقترب نحوها اكثر و من بين اسنانه المنطبقة كان يقول

- " لسانك..لسانك يحتاج تعديل.."

بهتت عينيها تحدق به بصدمة..فأكمل بتلذذ

- " ياسمين أنت لن تتزوجي غيري.."

امسك فكها بقوة يمنعها عن الكلام احس بعظامها تكاد تتحطم بين يديه و بجنون اخذ ينظر لملامح وجهها ..لا تعجبني..ليست جميلة..

..هذا ما تمتم به بسره يحاول عدم التراجع عن فكرته لينطق بكلماته فوراً

- " رغم أنك لستِ من نوعي الخاص ..لا شيء بك يجذبني ..إلا انني سأتزوجك قبل أن تفكري بالاحتيال على أنور ..و إن اردت الاستيلاء على القصر فحاولي فعل ذلك بعدها ..يا من تعتقد نفسها بطلة ..."

خرج صوتها اشبه بالصياح فيما تشعر بألم بجميع اجزاء جسدها تحاول الرد عليه لكنها عاجزة..ترك فمها

اخيراً لتلقط انفاسها بصعوبة هبط رأسها لتتغطى ملامحها بشعرها الذي انسدل يحجب عنها الرؤية لترفع عينيها إليه بصعوبة جسدها كله كان متألماً

فيما تقول بحقد

- " لن تجرؤ.. عمي سيمزقك.."

إلا أنه قال مستهزئاً

- " عمك هذا أمره سهل لأني سأجعلك تجبريه على أن يقبل بي زوجاً لك..نعم هكذا.."

- " تحلم.."

رددتها بضعف فيما كان يقف من مكانه بكل شموخ يتركها تعاني الألم فينسحب بهدوء حتى انه لم يفكر بمساعدتها

اعاد صعود السلالم ليعود من حيث ما اتى..غير مدرك لعقل الأنثى التي تخطط الآن لمخرج آخر حتى بوضعها ذلك

صباح اليوم التالي..

.............

امسكت بحزام حقيبة يدها تحدق بالباب برهبة..اليوم هي خائفة جداً. رغم انها ابتدت من قبل اسبوع تقريباً العمل معه حتى الليل

و قد جعلها تشعر بالراحة..لم يكن يحاصرها ابداً خلال هذه الأيام يتركها في البيت تعمل فقط على التلميع و احساس يخبرها

ان رعد لم يطلب منها التأخر من أجل النظافة..هناك حلقة مفقودة بالأمر..قلبها منقبض جداً و هي لازالت واقفة امام المنزل

ولم تفوق إلأ على صوت السيدة نجوى من جانب منزلها تناديها بصوت عال..بسرعة دفعت باب الحديقة لتصدم انه كان

شبه مردود..اسرعت الدخول نحو الحديقة هاربة من لسان الثرثارة نجوى.. لقد اعطاها رعد نسخة من مفتاح المنزل

اخرجتها من حقيبتها بسرعة لتدس المفتاح بمكانه ادارة معصم الباب لينقبض قلبها بقوة حين لاحظت تغير السيارة المصفوفة بالحديقة الصغيرة

تمنت فقط أن يكون غير سيارته و أن لا احد من اصدقائه في المنزل معه..دفعت الباب بخفة لتفاجئ بالهدوء ..هدوء تام و كأن المنزل

خال من البشر ..وضعت حقيبتها جانباً لتخلع حذائها .سارت نحو الصالة تلقائياً قبل أن تتوسع عينيها بقوة وضعت يدها

على شفتيها تكتم شهقة قوية فيما تحدق بالصالة مقلوبة بمنظرها المقرف..حيث كانت زجاجات الكحول الفارغة مرمية على ارضها

و هي فارغة ..كأسين بهما اثر من الكحول ..و مكسرات لم تلمس ..لم تستطع النظر اكثر حيث فكرت بالفرار محركة رأسها

برفض لما يحدث " ملك.." صوت ثقيل نادى باسمها شهقت بفزع و هي تتراجع إلى الوراء و بنفس الوقت و قعت عينيها

على عينيه الزرقاء ينظر لها بفتور فيما شفتيه تتحرك بتثاقل

- " لو تأخرت كان الأمر سيكون افضل.."

احمرت عينيها الرماديتان و هي تنظر إليه واقفاً امام باب غرفته المفتوح لم يكن يرتدي غير بنطال منزلي قصير

و غرفته تبدو في حالة مقرفة ..اخفضت عينيها للأرض تتجنب النظر إليه و لتلك المرأة التي معه..اسندت ظهرها على

الجدار فيما جاء صوته هاتف بسخرية

- " ما الأمر...؟..لا احتاج لأطفال سخفاء يا جميلة.."

احست بالدموع تتساقط من عينيها بحرارة فيما يكمل قوله بدون اكتراث

- " اذهبي الآن لمنزل السيدة نجوى اخبرتني البارحة انها تحتاجك لمساعدتها في المنزل..هذا مؤكد اذا اردت.."

عاد الدخول إلا غرفته ليصفع الباب بعنف..نافضاً جسدها على اثر الصوت العال بحق الله من عليه أن يغضب هي او هو..

بسرعة رهيبة كانت تهرول خارجة من المنزل قاصدة منزل السيدة نجوى ..لا يمكن أن ترى وجهه الآن..تجاوزت باب الحديقة لتسير نحو

باب السيدة نجوى كان بيتاً انيقاً إلا ان حديقته اكبر قبل أن تطرق الباب كانت السيدة نجوى قد رأتها حيث سرعان ما تحركت لتفتح لها الباب

مراقبة بفضول اثر الرعب الممزوج بالقرف بعينيها تبسمت ابتسامتها العريضة لتقول بمكرها المعتاد

- " رعد ..قد.."

ارتفعت عينيها برفض تنظر لسيدة نجوى لتخرس كلماتها ..شفتيها الورديتان اهتزتا باضطراب لكن كلماتها خرجت واضحة

- " السيد كلفني بمساعدتك..قوديني رجاء إلى عملي.."

-" بالطبع"

قالتها متضايقة فقدت عجزت عن معرفة بعض الاخبار من ملك ..قادتها نحو المطبخ و هي تقول

- " اهل زوجي سيأتون اليوم وبما أنني كبرت ولم يرزقني الله بالذرية طلبت من رعد أن يحضرك لتساعديني

و..."

- " لا تذكري اسمه الآن.."

قالتها مقاطعة بشراسه و هي تتكأ بيدها على الطاولة في وسط المطبخ..تشعر بالدوار و الغثيان لم ترى منظر مخل كما رأت اليوم حتى بالتلفاز لم ترى

فكيف بالواقع..يدين السيدة نجوى امسكت بها برفق لتسحب لها الكرسي مقدمة لها كأس من الماء شربت منه بضعف عينيها كانت خاوية من دون

أي تعابير الصدمة سيطرت عليها من كل جانب افاقت على صوت السيدة نجوى تقول

- " اخبريني ما رأيت..فأنا اعرف ما اصابك.."

حدقتي عينيها تحركتا بجمود نحو السيدة نجوى والتي كانت تجلس بكرسي أمامها استمعت لها تكمل

- " حين ناديتك قبل أن تدخلي منزله كان هذا لأني اعرف ان لديه امرأة في المنزل.."

اخفضت صوتها وكأنها تخشى أن تسمعها الجدران تكمل..

-" رأيته البارحة في نصف الليل يعود مخموراً بسيارة امرأة ..لقد ادخلته منزله و هي تضحك بميوعة لا تناسبها و.."

- " يكفي ارجوك.."

تمتمت بضعف لكن السيدة نجوى كانت متحمسة بالثرثرة و هي تكمل

- " لا ..فيجب أن تآخذي حذرك..هذا الرجل خطير أنهُ سيء السمعة وليست هذه اول مرة نراه مخموراً

.أنا اخشى عليك منه..."

حركت رأسها بالنفي و هي تقول

- " و ماذا افعل..؟...ما بيدي حيلة إن لم اعمل معه حياتي كلها ستتدمر..اكملت ببعض السخرية و عينيها تمتلء بالدموع..

ثم لا تقلقي هو لا يدنو بمستواه لخادمة.."


قالت لها بتخويف

- " و ماذا لو كان مخموراً وهجم عليك فجأة..معتقداً انك احدى عشيقاته.."

شهقت من هول تلك الفكرة ..لكن السيدة نجوى امسكت بكتفها لتكمل

- " احملي معك سكينا.."

اندفعت تقول بخوف

- " لا مستحيل..انا اخاف .."

- " لا تقتليه ..فقط اجرحيه في حالة انهُ تهجم عليك..هذا هو الحل الوحيد على الاقل حتى تجدي عملاً "

لم تعطي اي جواب لسيدة نجوى فهذه السيدة ليس عليها امان فمرة تكون مع رعد و مرة معها ..اكتفت بأن تقف لتقوم بتنظيف المطبخ

ساعات مرت و هي تعمل بكل جهد..لقد قامت باخراج كل اغراض المطبخ الخفيفة لتنظف دولاب المطبخ

جيداً..مسحت الجدران و حتى السطح لقد تعلقت على سلم حديدي ...الغريب أنها لا تشعر

بالتعب فألم قلبها قد طغى على ألم جسدها..فقط خياله و هو بهذا المنظر لا يرتدي غير سروال يصل لكربتيه

واطراف اصابع المرأة النائمة بسريره والتي استطاعت ان تراها من الباب المفتوح كل ذلك يجلب الاشمئزاز لها

بخلاف كاسات الكحول و الجو الحقير الذي كان كان يحيط بالمنزل..

- " ملك."

التفتت فوراً لسيدة نجوى التي قالت لها

- " نظفتي المطبخ جيداً..لكنك لم تتناولي طعام الغداء للآن..مـ.."

قطعتها برفق لتقول

- " لازلت لا اشعر بالجوع تناولت الإفطار في منزلي ..شكراً على اهتمامك.."

بدون مبالاة ردت

- " نطفي الآن هذه الغرفة ثم اذهبي وابقي في المطبخ..أنا سأذهب الآن لضيوفي.."

راقبتها ملك تغادر بشموخ بملابسها الأنيقة و قد كان اصوات بعض الضيوف يصل إليها ..احست ببعض الدوار لكنها واصلت تنظيف

الغرفة بأقصى سرعة..ربما عليها أن تأكل شيء لكن لا شهية لها ابداً..فور ان انتهت حتى سارت بخفة نحو المطبخ اتكأت بيديها

على رأس الكرسي لقد غربت الشمس قبل نصف ساعة تشعر بتعب غريب افضل شيء ان رعد لم يناديها لتنظف قذارة منزله

..اطلقت تنهيدة عميقة و هي تغمض عينيها للحظات..دقيقة..و اكثر حتى جلست على الأرض

بانهاك اخفت وجهها بين يديها لتسند ظهرها على سيقان الكرسي و رغم أنهُ لم يزيدها إلا ألم لكنها استكانت بهدوء

لم تعرف لو نامت او لا ..و كأنها كانت على وشك النوم حيث بدأت حقاً تتوهم دغدغة ناعمة سارت على عنقها بخفة

و لم تفتح عينيها بعناد..و لكن هذه المرة احست بشيء يسير على قدمها فكرة انهُ حشرة اجفلتها فوراً

انتفضت لتفتح عينيها فجأة و بدل أن تبحث عن تلك الحشرة وجدت اكبر حشرة امام وجهها..حتى الحشرة هو اقبح منها..

عيناي قذرة كانت تنظر لها بترقب..و هو يجلس بهدوء بجوارها و على شفتيه ابتسامة باهتة لكن عينيه كانت

تنطق تسلية و كأنها سلعة رخيصة ..اشاحت رأسها عنه لتحاول الوقوف شهقة انزلقت منها مستشعرة بالذراع الذي التفت حول خصرها بسهولة

- " لا تلمسني.."

نطقتها بخوف..

-" شششش.."

لقد طفح الكيل..قالت و عي على وشك الانهيار

-" أنا لن اعمل لديك..لن اغامر بحياتي اكثر.."

بهمس بطيء متكاسل ردد

- " لن تغامري بحياتك ..لكنك ستغامرين من اجل حياة جدتك التي تعيش على دواء غال..."

اتسعت عينيها و هي تشعر بعيناي الذئب تفترسها وجهه يقترب من وجهها و كأنهُ

يؤكد لها كم أنها ذليلة..سيفعل ما يشاء بها و لأنها تحتاج لماله ستضطر أن تخضع له..احست بالغثيان من شفتيه التي اقتربت

لتطبع قبلة على خدها لقد كان بريئاً و هو يقاوم شفتيها الورديتان و قبل أن يلامس بشرتها الناعمة دفعت وجهه عنها بقرف بنظرات نارية

و بصوت مخنوق رددت

- " حقير.."

احست بانفاسه تحرق وجهها فيما عينيه تكاد تندمجان مع عينيها..جهد كبير كانت تبذله و هي تحاول الخروج من هذه الدائرة الكهربائية ..

ذراعه كانت كثعبان اعتصرت خصرها النحيل بقوة مستمتع بتقلص عينيها تنطق كلمات الحرية دون امل تحاول أن تهدده لكنها عاجزة

اطلقت تأوه مستشعره بذراعه تتحكم بجسدها تديرها بقوة لتوقعها على الأرض بعنف..خصلات من شعرها تناثرت امام عينيها فاستغلها

فرصة ليلامس بشرتها الناعمة عندها استطاعت أن ترى بريق عينيه و ثقل جسده فوقها يكبح حركتها ابتسامته الصفراء لم تفارق

شفتيه ليسري الرعب بكل خلية بجسدها صوته جاء رغم هدوء إلا انه كان خشناً و هو يقول

- " تأخرتِ.."

دموعها فقط هي من كانت تسيل بينما عينيه كانت تلتهم كل جزء من وجهها وكأنهُ رجل لا يعرف النساء..واصل بنفس نبرته

- " انتظرتك كثيراً..عسى أن تطرقي منزلي لكنك لم تأتي..هل احببت العمل هنا..؟.."

ابتلعت ريقها بصعوبة تنظر لهُ بتساؤل و هو يكمل

- " من دون رب عملك اللعوب..زير النساء.."

اخيراً حركت رأسها بالنفي ليست لانها ترفض جملته بل لأنها تعلن حالاً الجهل ..لم تعد تفهم أو تستوعب ما يجري معها أن تكون بهذه

الوضعية و بين يدين زير نساء أمر صعب أن تستوعبه ..هذه المرة جاء صوته اكثر وضوحاً محتجاً

- " ستبقين هكذا ..خرسااء..!.."

لم تعطيه اي جواب فقط " ابتعد.."..كلمة لم تتوقف عن التمتمة بها..اه تأوهت حين امسكت كفه بشعرها تحرر ربطته بعنف انطبقت

اسنانه على بعضها البعض بقوة و عينيه تشتد زرقة وكأنها سماء و الرعد يعلو بها ..!..

- " أنت تؤلمني.."

تمتمت بها من بين كلماته و هو يقول بعنف

- " ستمثلين امامي بأنك الطاهرة..الصدمة تكاد تقتلك لمنظر خليع بعينيك..استيقظي يا ملك ..عليك أن تعتادي

على مناظر كهذه..فأنا هكذا حياتي كلها هكذا.."


تراجع عن جسدها فاسرعت بخوف لتجلس على الأرض شفتيها ارتجفتا لكنها قالت

-" و لماذا علي أن اتعود..؟..أنا لستُ مجبرة على ذلك..سأجد عمل في اقرب وقت لستُ مضطرة بأن اخوض

معك في عالم الوحل.."

- " اخرسي.."

وقفت مسرعة من عينيه النارية و كأنها تفهم نواياه الخبيثة لم تستطع تخطي باب المطبخ ..من يده التي احكمت الامساك بمعصمها

ليعيدها إلى الوراء بسهولة و كأن حاجز الخوف قد انقشع

- " توقف..سيد رعد لماذا تفعل هذا معي...؟..أنا لستُ اختك او زوجتك..لستُ احد من اهلك لتتحكم بي.."

بأقل من ثانية هجم بقوة ليجذبها بعنف ارتطم رأسها بصدره بقوة لكنها دفعته محاولة التملص من يديه اللتين احكمتا الامسكاك بمعصميها

بقوة يهزها كأنهُ يجبرها على أن ترفع رأسها - " ارفعي رأسك.." تمتم بقوة فرفعت رأسها حين توقف

عن هزها بعنف صمت ساد بينهما لثوان لتقطعه قائلة فجأة

- " أنا لو كنت مكانك لأحنيت رأسي بخجل لفعلت كما تفعل النعام ..أنت ..أنت ليس انسان ..مستحيل أن يكون هناك بشر يتحمل كل

هذه الأخطاء بكل ثقة..أنت ..اقصد أنا..نظرت لعينيه مباشرة لتشعر بلسانها طليقة و هي تكمل..أنا اكرهك .."


انعقاد حاجبيه لم يخيفها او حتى تقلص ملامح وجهه و هو يقول من بين اسنانه

- " اعيديها .."

حذرها بعينيه من النطق لكنها كررت وقد طفح الكيل

- " اكرهك بقدر العا.."

لم تكمل كلمة العالم حين هجمت شفتيه تطبق على شفتيها بقوة ..يديه تعتصر ذراعيها بعنف يرطم بجسدها الجدار وكأنها دمية

صنعت له و بكل محاولة فاشلة كانت تحاول بها الهرب كان يزيد من عنفه معها اكثر و اكثر حتى شعر بطعم ملح دموعها..بين شفتيه

سيقتلها الآن سيقتلها اختناقاً..هذا ما فكر به و هو يحشرها بضيق بإحدى زوايا المطبخ لكنهُ ليس رعد الذي يهتم بحياة بشر صحيح انه لم يقتل

احد من قبل لكنه لا يهتم ..رغبة مجنونة كانت تتضاعف بجسدها ملمس بشرتها الناعمة بين يديه و ثوبها الواسع يجلب له الكآبة ..

لم يشعر إلا بضربة قويه وجهت له بظهره و كأن احد لكمه بشيء صلب نظر لمعذبته ليتراجع فوراً عنها ارتد جسده إلى الوراء

لينظر لسيدة نجوى خلفه اطلقت صرخة قصيرة و هي تسرع لتلحق بملك ..يا ألهي ..نطقتها برعب فيما تسمر بمكانه مراقباً الموقف

و كأن الأمر لا يعنيه بتاتاً..

- " هل أنت بخير..؟..قولي شيء ابنتي لا تصمتي هكذا.."

هذا ما كانت تقوله السيدة نجوى و هي تجلس ملك على الكرسي تمسح وجهها بمنديل مبلل بالماء تعيد خصلات شعرها الى الوراء

بينما هي كانت تبكي بصمت ..تصلب بمكانه لينظر لشفتيها لم يقاوم ..لم يستطع حتى المرأة التي قضى معها ليلته البارحة لم تسكن

جنونه..هذا الجسد النحيف الشعر الناعم الطبيعي الوجه الهادئ..لم يغيب عن خياله لحظة ..رعد استيقظ ....كان يخاطب

نفسه بسره تضارب الافكار لعب بعقله واحد يخبره بأن مستواه لا يدنو لها و الآخر يخبره بأن يشتريها ..نعم بضعة اموال تجعلها عشيقة لديه يأخذ ما يريد ثم بعد فترة يتركها ترحل..

- " يا لك من ولد سيء ..اخرج من منزلي الآن ..أخرج.."

قالتها السيدة نجوى والتي ضربته قبل قليل ليفوق اكتفى فقط بالنظر لها بدون اكتراث لتتحرك عينيه فوراً عليها و هي تقول بصوت

متشنج دون أن تتوقف عينيها عن الدموع

- " لا سيدة نجوى ..أنا التي سأخرج..وهذه المرة افضل التسول بالشارع على أن ابقى هنا.."

انتفض جسده على تلك الفكرة لكن تحكم بقوته امامها .. وماذا الآن رعد ..هل تخاف حقاً من تلك الفكرة..؟..سأل نفسه بحيرة ..

وبينما كانت تقف لتتحرك رن هاتفه بتلك الاثناء..فتحه فوراً رغم غرابة الرقم و كأن احساساً اخبر ملك ان كارثة ستحدث

من نبرة صوته الجامدة و هو يقول للمتحدث

- " نعم ..أنا هو رعد.."

تابعالفصل السادس الجزء 3

جاءه صوت رجل غريب يقول

- " سيدي اعثرنا على رقمك في حقيبة المرأة ام مختار.."

- " ومن هي ام مختار.."

لم يركز ما يقوله الطرف الآخر حين شعر بجسد ملك يتراجع فوراً عن الخروج ولتعود نحوه كالبرق لتقول بجنون

- " جدتي....جدتي ماذا جرى لها...؟.."

استطاع ان يدفعها بعيداً ليكمل مكالمته قبل أن يدس الهاتف بجيبه نظر لها تبكي منهارة على الأرض تبكي بحرقة حتى انها لا تشعر بيدين السيدة نجوى الخائفة و التي تربت على كتفيها..نطق فوراً

- " قفي ملك ..دعينا نذهب للمستشفى الآن.."

وقفت بسرعة رهيبة و دموعها تنسال قائلة

- " هل جرى لها شيء..قل يا رعد لا تصمت.."

كانت المرة الاولى التي تناديه باسمه من دون لقب ..لم يشعر أن اسمه جميل إلا الآن فقط ظل صامتاً للحظة قبل أن يستفيق

على اسئلتها المتكررة لتضرب صدره بعنف فيجيب قائلاً

- " لا اعلم..قالوا لي انها بالمستشفى و يبدو ان الجارة كانت تعلم أن رقمي موجود مع جدتك لهذا اتصلت

لتذهبي لها للمستشفى.."

صاحت عليه قائلة

- " و أي مستشفى هذه تكلم..؟.."

لم ينطق بالعنوان بل امسك بمعصمها ليقول

- " سنذهب معاً..تعالي فقط.."

نزعت معصمها منه ليس لأنها لا تريد قربه الآن بل لأنها تريد الاسراع للخروج من المنزل ..تركت السيدة نجوى بصدمتها لتخرج بسرعة رهيبة

نحو الخارج غير مستشعره بجسده الذي لحقها بآخر لحظة ليفتح لها باب سيارته لحسن حظه ان سيارته قد احضرها قبل قليل ولم يدخلها الحديقة

دقائق مرت و هو يقود السيارة بسرعة جنونية كلما بكت اكثر كلما زاد السرعة اكثر و كأنه يريد أن يصل للمستشفى كي يوقف دموعها ..توقف أمام مبنى المستشفى لتنزل مسرعة ركضت حتى الباب الرئيسي متناسية وجوده فور أن سارت داخل المشفى

حتى رأت جارتها هناك كانت تدمع بوجه محمر و هي تستند على حائط الجدار عند تلك اللحظة انهارت في الأرض فاكتفى بمراقبتها من بعيد لم يتجرأ على التقدم اكثر ..لم يكن احد معها يساندها فالجارة المرأة الكبيرة بالسن كانت بحالها قدميه خانته عن التقدم..لم يعيش موقف كذلك لم يبكي على فراق من يحب ..ضاقت عينيه محدقاً بذاك الشاب الصبياني لقد حفظ ملامحه جيداً..تلقائياً انقبضت كفيه لتتكور بغضب حين رفعها من الأرض ليضمها إلى صدره بخفة و كأنهُ هو الذي بحاجة إليها و ليست هي صوتها الباكي كان يصل إليه متمزقاً

- " راافي..أين هي..؟..جدتي أين ..؟..اخبرني أنها بخير ارجوك.."

لكن رافي اكتفى بضمها إليه وهو يتمتم ببعض الكلمات التي لم تصل إلى مسماع رعد....منظرها و هي بين احضان شاب بسيط هادئ

جعله يتصور اشياء كثيرة وبدل أن يفكر بحال الجدة فكر بأن ملك ستبتعد عنه مؤكد هذا المدعو رافي سيوفر لها عمل و من يدري قد يتكفل بشراء دواء جدتها سارت قدميه بذاك الممر لينادي بصوت مسموع

- " ملك.."

نادى اسمها فقط كي تستشعر بوضيعتها وقد نجح حيث تراجعت تلقائياً من بين احضان رافي لتستدير إلى الخلف تنظر إليه تقدم ليقطع المسافة بينهما ممسكاً بمعصمها ليعيدها إلى جانبه فتح فمه ليتحدث لكن خروج الدكتور من غرفة العناية المركزة لفت انتباه الجميع ليتقدموا الثلاثة بلهفة عداه هو تقدم بخطوات هادئة دون أن يسأل شيء..الدكتور ابداً لم يكن يستبشر حالة الخير ليخبرهم بأنها تعرضت لصدمة قلبية قد تكون خطيرة خاصة و هي بهذا السن ..ساعات مرت و هي جالسة بهذا الممر لا تفارق دمعتها عينيها

و هذا هو اليوم التالي يمر ايضاً دون أن تغادر المشفى اقنعها رافي بكل الطرق اخبرها أن مكوثها هنا لن يفيد لكنها رفضت غادرت جارتها لتعود لمنزلها لكن رافي لم يفعل يبتسم لها بحب يشتري لها الوجبات الخفيفة لكي يقنعها بالأكل على الاقل بعض لقيمات و احياناً يلامس خصلات شعرها البنية برقة يتعمد أن يحيط بذراعه كتفها ليقول لها كلمات تجعلها تتفاءل قليلاً...دون أن يلاحظ بأن هناك زوجاً من العيون الزرق تراقب تحركاته كلها ..رعد لقد اجبر نفسه على نوم في منزله لكن عينيه لم تغمض ابداً.. و من الصباح و هو يراقبها من بعيد يذهب ويعود و آخر مرة طفح به الكيل فرافي اصبح رفيقها الدائم حتى انهُ اخذها إلى الطبيب ليسألا عن حالة جدتها معاً عقله اصبح منهك سار بقوة داخلاً الممر ليجدها جالسة على الكرسي و رافي بجوارها يطبطب عليها بكلماته الخافتة فور أن وقف امامها حتى نظرت إليه بجمود لتقول دون أن يتكلم

- " أنا لن آتي إلى العمل ..لا تأتي لتؤنبني على غيابي.."

ابتسامة رافي كانت خفيفة جداً..ربع ذراعيه امام صدره و هو ينظر لها بتمهل ليقول بجدية

- "لنذهب إلى الخارج ..اريد أن نتحدث قليلاً.."

-" لا"..

-" الأمر يتعلق بجدتك.."

نظرت إليه بشك فقال مكملاً

- " المشفى هذا لا يمتلك اي مؤهلات طبية يجب أن ننقل جدتك إلى مشفى آخر .."

نعم أنها تعرف لكن ما بيدها حيلة..لا تملك المال ..كتمت كلماتها بلسانها و عينيها تنغلق بعجز مستشعرة بقبضة رافي على ذراعها كأنه يمنعها من الاستجابة لكلمات رعد..يكفي استيقظي يا ملك لا وقت لكرامتك الآن..الأهم حياة جدتك..فتحت عينيها لتزيح يد رافي لم تنتبه لابتسامة الانتصار على شفتي رعد و هي تتبعه بهدوء متجاوزة ممرات المستشفى الكئيب غير عابثة برافي الذي ينظر لها بصدمة دون أن يستطيع أن يقدم لها شيء..نزلت السلالم بجسد بدون روح لحقته حتى خارج المستشفى حتى توقف امام سيارته ليفتح لها الباب الأمامي بدعوة لدخول عينيها الذابلة نظرت له لتقول بصوت منهك

- " لنتحدث بالكافتيريا.."

-" ادخلي ملك ..لا وقت لاعتراضك.."

حسناً أنه محق..قالتها بسرها لتستجيب له تحرك هو نحو مقعده ليعتليه بهدوء..تطلع امامه إلى زجاج السيارة هدوء عما بينهما يتخلخله فقط اصوات بعض المارة الخفيفة حيث منعت السيارة المغلقة وصولها إلى الداخل ..

- " ألن تقدم لي عرضك بعد..؟.."

نطقتها بصوت شاحب دون أن تنظر له فحرك جسده جانباً لينظر لها ..بشرتها البيضاء الناعمة شعرها الحريري شفتيها الورديتان لكن هذه المرة ملامحها ذابلة كأنها وردة قطفت منذُ أيام..

- " أي عرض ملك..؟.."

لم تنظر له و هي تجيب بدون مبالاة

- " عرض قذر.."

ابتلع ريقه ليغمض عينيه لثوان فتحهما و هو يقاوم ألم انغرس في قلبه ..فقط منظرها وهي مع رافي يثير جنونه

وجد نفسه تلقائياً يقول

- " سأرتب مع الأطباء امور نقل جدتك من المستشفى هناك مستشفيات بأجهزة متطورة و أطباء بمستويات عالية.."

صمت عما للحظات بينهما ينتظر ردت فعلها لكنها لم تكلف نفسها عناء النظر له بينما كان يراقب كل تحركاتها

قال بسرعة تمتزج بلهفة

- " اعرف أن الشفاء من عند الله لكن يجب أن نعمل بالأسباب.."

تحرك رأسها فجأة لتنظر له ليرتبك من ابتسامتها الغريبة و هي تنطق بسهولة

- " غريب..ظننتك لا تؤمن بالقضاء و القدر.."

اضطربت عينيه دون أن تتأثر علامات وجهه لتكمل هي بجمود

- " قل لي رعد..ما هو الثمن..؟.."

صمتت تتطلع لعينيه لتكمل

- " أنت ستتكفل بعلاج جدتي انا اعرف بأن هذا ما تريد قوله ..لقد فهمت .."

ارتجف جسدها على اثر لمسة كفه الدافئة ليدها ليجدها باردة كالثلج ..التصق جسدها بمقعد السيارة فيما كان جسده بالوضع الجانبي حاولت نزع يدها منه لكنهُ قال فوراً

- " لم اعتاد على أن تناديني باسمي..رعد.."

عينيها الرمادية كانت بالضبط كالرماد ربما بلونها و حياتها الرمادية..

- " آســفـ.."

" شششش" قاطعها برقة واضعاً اصبعيه بين شفتيها ..مال برأسه نحو رأسها المستند على ظهر المكرسي ليهمس بخفة

- " رعد..ناديني رعد ..من بعد اليوم لا يوجد رسميات فنحن سنعيش بمنزل واحد.."

استوعبت كلماته ببطء لتنظر له برهبة..ابتسامة شيطانية ارتسمت على شفتيه ليكمل

-" لن تكوني خادمتي حتى المساء بل على مدى اليوم.."

طارت الكلمات منها و هي تحدق به بخواء عاجزة عن قول شيء و هو يكمل

- " سأدخل جدتك اكبر المستشفيات و حين تخرج سالمة سأجعل جارتكم تعتني بها جيداً بمقابل اجر من المال طبعاً..و مؤكد ستكون هناك ممرضة خاصة لها و كافة الأدوية سأتكفل بها هذا كي لا تتحججي بأنها تحتاج لرعايتك.."

نظر لشفتيها التي انفتحت تقول باعتراض

- " مخطئ ..جدتي لن ترتاح إلا بتواجدي معها أنا..و.."

قطعها بحزم و عينيه تشتد غضباً

- " ثلاث أيام فقط سأمنحك إياها لتبقي معها تعتني بها مع الممرضة و في منزل الجارة..وبعدها ستعيشي في منزلي.."

تطلع لملامحها الخائفة و هي تحاول أن تكون قوية بقدر الأماكن لم يزده ذاك الخوف إلا قسوة و انانية

ليهتف بقسوة

- " سأعطيك اجر بسيط لأني سأخصم من راتبك الأساسي حتى تنتهي فاتورة العلاج.."

- " افهم من كلامك بأني سأعيش كل حياتي مدينة لك.."

ابتسم بسخرية ليقول

- " ربما..لأني لن اقبل بقرش واحد مساعدة من احد وهذا هو شرطي ايضاً.."

لم يكن يعلم أي ألم يعتصر قلبها و يمزق جسدها..ألم الذل و الحاجة بعد أن كان يقبلها و كأنها عاهرة رخيصة و بعد أن قررت أن تترك منزله عادت الظروف ترميها في منزل الوحش مجدداً..!..بضعف كانت تغمض عينيها لتفتحهما بألم و هي تقول بخواء

- " لا بأس..لأن لا احد سيدفع لي.."

لم تنظر للمعة عينيه و هو يقول مدعي الهدوء فيما يخفي لهفته ليتخيلها ملكه

- " أذن انت موافقة.."

صمت عما بينهما ..لم ترد باجابة فقط اسنتدت رأسها على ظهر الكرسي ..تحاول بقوة منع دموعها من السيلان..غافلة

عن عينيه التي تراقب كل حركة منها عدلت من جلستها لتجلس على جانبها تنظر له بشك ..تلك النظرات حقاً

تربكه و هو الذي لم يعرف الارتباك يوماً..ادهشته بصدق و هي تقول بجراءة لا تليق بوجهها البريئ

- "لماذا تفعل كل هذا..؟."

-" كيف..؟.."

رددت بثبات

- " لماذا لم تشتري جسدي مقابل كل هذا..؟..."

صدمة ألجمت لسانه وكأنهُ البريئ المسكين لتكمل هي بتفاعل

- " أليس هذا ما تريد..؟....لقد كنت ربما أقبل..كنت ربما..اختنق صوتها و هي تكمل..ربما كنت اضحي بحياتي النظيفة من أجل حياة جدتي.."

- "هراء و تفاهات.."

نطقها بصدمة فصاحت بعنف غير مبالية لدموعها

- " أنت لا تكفيك ليلة او ليلتان..تريدني وقتما تشاء..وقتما تمل من المتبرجات فتأتي للعبتك ..أليس هذا صحيح ..؟.."

شعور غريب سيطر عليها و هي تتكلم بتلك الطريقة و عينيها تنسال الدموع منها بحرارة حاول تهدئتها بيده

لكنها نفضته بعنف ارتد جسدها إلى الوراء لتلتصق بباب السيارة اكثر ليصبح صوتها متحشرجاً

- " لا بأس..افعل ما تشاء..لكن عليك أن تعرف رعد أنا سأعيش معك خادمة ..خادمة فقط.. ولو فكرت بالاقتراب مني

عندها سأكون قاتلة..قاتلة.."

رددتها بقهر لتخرج مهرولة من السيارة تحت عينيه المذهولتين دقيقة مرت و هو ينظر لفراغ الكرسي ليرتد رأسه للوراء بضحك هستيري .. ستقتله ..يا ألهي أنه تهديد لم يلقاه يوماً من رجل..ضحك بعنف و قد عادت روحه الشرسة متمتم مخاطباً نفسه

" أن اردت جسدك ملاكي فسآخذه....بأرادتي أنا و قتما اشاء.."

واصل ضحكه ليتوقف راسماً شبح ابتسامة..نعم ..ما يشعره نحو ملك هو رغبة ..رغبة بالتهام جسدها كيفما يشاء..وستكون له جارية ..جارية ..كز على اسنانه بجنون لتشع عينيه متخيلا أن ملاكه تحوم في منزله ليلاً..

.................

الثالثة فجراً..

.........

فقط خفقات القلوب هي من كانت تسمع في صالة القصر الواسعة ..جو من القلق كان مسيطر على الجميع و هو معتكفون اماكنهم على الارائك الواسعة بصمت يخالف دقات قلوبهم غير أن خطوات السيد حلمي ذهاباً و إياباً هي من كانت تقطع الصمت الغريب..انتفضت ندى بمكانها فيما شدت ياسمين كفها على صوت عمها و هو يهدر بغضب بصوت عالي

- " الحقير..xxxxب الساعة تتجاوز الثالثة مساء....ماعدت اصبر اكثر من ذلك.."

رغم ان النوم كان يثقل عيناي شهد لكنها جاهدت على الصمود كانت تنظر لوالدها و كأن الأمر طبيعي بينما تتكأ بجسدها الصغير على جسد ياسمين تقاوم رغبتها بالنوم..لقد افاق الجميع على صوت والدها و هو يصرخ بجنون في منتصف الليل ليعتكف في الصالة الضخمة ينتظر قدوم أيمن ..دون أن يمل من محاولة الاتصال به دون فائدة..الغريب بالأمر أن ندى و ياسمين ترفضا الصعود إلى الأعلى وكأن تواجدهما قد يحل المشكلة والآن تجلس هي معهم تحدق بالمشكلة كأنها عاصفة و ستنتهي..عينيها العسليتين نظرتا لأنور و هو يقف من مكانه بملابس قطنية يمسك بكتفي والده بهدوئه المريح ليقول بلطف

- " تعال أبي..حفاظاً على صحتك اصعد حتى تنام..لن يأتي ربما يبيت الليلة خارجا.."

صاح بغضب فيما يحرك الملف الموجود بيده ليهتف

- " لا يا أنور..لا..لدي مع أيمن حوار خاص سأبقى هكذا انتظر قدومه حتى لو سهرت لصباح.."

اغمض أنور عينيه بيأس أنهُ يعجز عن اقناع والده..نظر للخدم الذين افاقوا اثر الصراخ لقد حفظ الخدم تفاصيل مشاكلهم العائلية جيداً..

تنهد بعمق فيما يتراجع خطوتين للوراء ليحرك عينيه تلقائياً فتقع على عينيها الزرقاء..احس بعضلاته تتشنج و انفاسه تنكتم و هي تحدق

به بتلك النظرات السحرية ..كز على اسنانه لابتسامتها الناعمة كأنها تدعمه قبل أن تسبل اهدابها بعيداً عنه ..افاق من التنويم المغناطيسي ليشعر بتلك الخطوات المتاكسلة صوت اندفاع الباب لم يرح عضلاته ..اجفل حين نظر لأيمن يتجاوز الصالة بهدوء و رائحة دخان السجائر تنبعث منه ..ملامحه وجهه بدت وحشية عابثة و هو يتقدم نحو وسط الصالة بكل برود ..ليقف فجأة يحرك نظراته على الجميع باستهتار العجيب في الأمر هو سكوت السيد حلمي حتى أن يده توقفت عن هز ذاك الملف بين يده..

-" عرض مسرحي هنا....!...تنتظرون قدومي.."

قالها بسخرية مبالغة فيما يكز على اسنانه ليسير قاصداً احدى الممرات...توقفت قدميه على المشي حين جاء صوت والده حازماً

- " إلى أين..؟.."

- " جائع .."

قبل أن يعاود سيره نحو المطبخ ..تجمدت اطراف اصابعه حين قال السيد حلمي

- " ستعد البيض صحيح..؟.."

لم يرد بكلمة واحدة إلا أن كلمات والده جاءت كالصاعقة و هو يهدر بتعصب نفض الفتيات

- " لو كنت حقاً تحب والدتك بأتباع ذكراها يا أيمن ما كنت جعلتني اعيش بالجحيم ..كنت لتدرك حبها العميق لي و لك

ولنا..ارتفع صوته بتعصب اكبر و هو يكمل..كنت لتعرف كم ضحت حتى تربيك .."


انطفئ صوته بحسره ليكمل

- " لو كانت بيننا الآن لكانت تبكي دماً على ضياع ابنها.."

اعصاب ايمن اصبحت تالفة جداً استدار لينظر لوالده لثوان قبل ان تنطق شفيته بسخرية

- " ..هل أنتهيت..؟....اكملت محاضرتك.."

شهقة انزلقت من فم ندى بقوة حين طار الملف بعنف من يد عمها ليسقط تحت قدمين أيمن ساكناً..لا تنكر ياسمين أنها شعرت ببعض الرهبة

حتى أن شهد امسكت بكفها تدعمها بهدوء و هي تهمس" مشاهد متكررة..لا تقلقي.." عينيها تعلقتا نحو الملف الذي تناثرت منهُ صور كم ارادت

أن تركض لترى محتوياته المتناثرة فتشبع فضولها بينما ينظر أيمن لمحتوى الملف بطرف عين دون أن ينحني ليأخذه ..

- " صور تلتقط لك مع عاهرة حقيرة.."

احست ياسمين بطبلتي اذنها تتمزق و عمها اصبح يهدر بجنون و هو يحاول التقدم نحو أيمن إلا أن أنور كان يبذل كل جهده محاولاً انهاء المشكلة

لكنه كان يواصل بقوة

- " أنا اعرف بأنك قذر..اعرف أين تقضي ليلاتك الحقيرة ..لكن لن اسمح ابداً أن تستغلني عاهرة بنشر صورك بعالم الانترنت تهددني بالصحافة

تبتزني بالمال من أجل بعض صور لك ..ونعم لقد جعلتني اتنازل لأخوض حوار معها لادفع لها مقابل هذه الصور ولا اعلم لو كانت تمتلك نسخ اخرى...."


بكل وقاحة رد على والده

- " ولماذا لم تخبرني من البداية..تلك الحقيرة سأريها كيف .."

قطعه بجنون

- " انت احقر منها ..أنت هو الحقير "

- "أبي ..!!""

- "اخرس.."

نظر لوالده برفض و قبل أن يردد أي كلمة واحدة احس بصاعقة تنزل على رأسه على تلك الكلمات التي قالها والده

و هو يردد كأب يفرض عقوبه على طفله الصغير

- "اعتباراً من اليوم أنت مفصول عن العمل ..فأنا ما عدت احتمل غيابك المتكرر واهمالك.."

كأنه لم يسمع شيء..فتلك الكلمات اخذت وقتاً طويلاً لتصل إلى اذنيه ثم تضرب بعقله مرات ..رمش من دون استيعاب قبل أن ينطق

- " تمزح أبي..مستحيل..مؤكد لن تترك احد من الموظفين يحل محلي في الادارة بينما اكون أنا ابنك..لا يمكنك الثقة بأحد.."

لم يكن أيمن فقط المذهول حتى أنور ذهل يتأمل والده كأنه ينتظر أن تكون مزحة احس بضربات قلبه تتسارع من نظرات والده نحو ياسمينته ليقول ممرراً عينيه بين ياسمين و أيمن..

- "لا..الثقة سيحملها غيرك بعد أن فقدتها معك.."

اقترب بخطوات ثابتة نحو الأريكة لتمتد يده ساحباً ياسمين فنظرت له بحيرة قبل أن ينطق بقوة

- " ياسمين ستكون محلك..و اعتباراً من الغد ستذهب أنت لتعلمها عملك ولأني لا اثق بك سأطلب منك فقط أن تعلمها الاساسيات والبقية سيتكفل بها أنور.."


عاصفة هوجاء احاطت بالقصر فجأة حتى الخدم تجمدوا كالأصنام بمكانهم حين دوت صرخة أيمن عالياً

- "أبي!..لن تلوي ذراعي بهذا الأسلوب..لن تربيني من جديد لتختار من بين كل العالم فتاتك المدللة .."

كان يقف امام والده يعترض بتعصب عينيه بدت حمراء و هو ينقل نظراته بين والده وبين ياسمين التي ادعت البراءة و هي تلتصق خلف ظهر عمها وقلبها يرقص فرحاً وقد انتقم لها عمها دون أن يدري خير انتقام.عيناي السيد حلمي كانت تبرق لقد عجز من سنوات على أن يجعل الدماء تفور بدماء ابنه كما استطاع الآن ..الفصل من العمل لا يجدي بشيء و إلا كان فصله منذُ زمن لكن أن تكون ياسمين هي المديرة هذا ما يثيره ..قال وقد هدأ فجأة

-" قراري حازم أيمن..ولن اتراجع"

رد باعتراض

-" ياسمين لا تعرف شيء..لا تفهم بأمور العمل.."

قطعه ببرود حل عليه فجأة

- " بل أنها عملت من قبل بشركة وتتدرب باحدى افرع شركاتنا منذُ أيام وستتعلم لتصبح افضل منك..نظر خلفه حيث ياسمين تلتصق بظهره ليكمل..أليس كذلك ياسمينتي..؟.."

جن جنون أيمن حين ردت ببراءة محركة رأسها بالإيجاب ..الوقحة..لم يكن يركز بأن والده استغل اللعبة جيداً ملاحظاً الكره

الذي يزايد كل يوم بين ابنه و ابنة اخيه..ليستغل كل شيء لصالحه و قبل أن يتحرك مغادراً الصالة جاء صوت ايمن قوياً و هو يهدر

بتعصب

-" أنت تبتزني أبي...تعرف كم أنني اكره ياسمين تعرف ذلك ..و تستغلني..."

- " جيد أنك تعرف.."

قالها بوقار قبل أن يتحرك ليصعد السلالم تاركاً العاصفة تهدأ أو تبدأ من دون مبالاة ...!

انتهى الفصل 6

لفصل السابع

.................

بعد مرور شهر..

- " هل حقاً قررت و انتهى الأمر..؟.."

نطقها رافي عاجزاً عن تصديقها ..ألم يمزق اشلاء قلبه و هو يراقبها تدس ملابسها الخاصة في حقيبة ظهر صغيرة ..تلملم مستلزماتها الخاصة ..حركت عينيها بتردد إليه لتراه لازال متكئاً على إطار الباب الخشبي ينظر لها بتلك النظرات المربكة.. قالت محاولة أن تكون هادئة..

- " يجب أن ادفع الدين بسرعة رافي...السيد رعد دفع الكثير ولازال يدفع تعرف أن راتبي سيكون اكبر عن سابقه و بالتالي استطيع تسديد الدين.."

اعترض برفض ليقول

- " لا ..لا ملك..لماذا لا نتزوج و سندفع الدين باقساط و..."

قطعته و هي تقف من على الأرض هاتفة

- " الأمر صعب.. انا ادرك مستواك المادي جيداً.."

كتمت تنهيدة ألم و هي تريد اخباره أن رعد لن يقبل ..تجاوزت باب الغرفة لتتجه نحو المطبخ حيث وجدت الجارة تبحث عن احدى الوصفات التي اخبرتها جدتها بانها موجودة بإحدى ادراج المطبخ ..ابتسمت تلقائياً للمرأة التي تعتني بجدتها بمنزلها الآخر منذُ ثلاث أيام بعد خروجها من المشفى هي تعرف أن رعد يدفع لها المال و قد خصص ممرضة لتعتني بجدتها لكن جارتهم امرأة طيبة جداً بتلك الابتسامة البشوشة و الوجه المبتهج ..ابتسمت تصارع كل المواجع قائلة..

-" مساء الخير خالتي.."

نظرت لها المرأة الكبيرة مبتسمة لتردد القول

- " سامحيني بنيتي لقد اطلت البحث عن تلك الوصفة لكنني اخيراً عثرت عليها ..هيا لنغادر هذا المنزل فلنذهب لمنزلي عند جدتك أم مختار.."

هزت رأسها و هي تهتف بخفوت " فليرحمك الله يا أبي .."..

احست بخطوات رافي تتجاوزهما ليخرج من المنزل اولاً و هو يحمل حقيبة تحوي على اغراض بسيطة لتصليح..لقد جاء بطلب من جدتها ليصلح الحنفية المكسورة و حين رآها تدخل المنزل لم يغادره حتى بعد أن انتهى من عمله لكنه الآن يخرج مكسور الخاطر و القلب..اغلقت ملك الباب خلفها بالمفتاح سيغلق هذا البيت حتى تتعافى جدتها كلياً ربما لفترة تتجاوز الأشهر و ايضاً رعد سيدفع اجاره الرخيص كم تشعر أنها ميتة روحها ماتت قبل جسدها و فقط تكتفي بتناسي الواقع الذي ينتظرها تعلم أن رجل كرعد لا يعرف الخير ابداً و عرضه الوفير هذا ليس بنية صافية ..سارت نحو الشقة المقابلة لتفتح لها الجارة الباب ثم تدخل اولاً بعد أن توقفت عن التفكير المدمر لرأسها..

سارت قدميها بذاك الممر الضيق ربما الفرق بين هذه الشقة و شقتهما فقط روح المنزل و اجوائه بالاضافة لبعض من الاثاث المناسبة ليس كمنزلهم ...انتفض جسدها على اثر

الظل الواقف امامها ربما الآن وقف فجأة حيث لم تكن تشعر به..رفعت عينيها لتمتزج مع عينيه ..ذقنه نمت به شعيرات صغيرة لتصبح لديه لحية خفيفة بدت لها غير مرتبة..ابتلعت ريقها و هي تنظر إليه دون كلام ..تمسكت باصابعها قماش ثوبها

حين هتف قائلاً

- " هل نذهب الآن..؟.."

يا الله رحمتك..شدت الحقيبة على ظهرها تحاول تصنع القوة لكن شفتيها ارتجفتا بضعف و هما يتحركتا

- " سأسلم على جدتي...لن اتأخر.."

كانت مضطرة ..لقد انتهى الوقت و هو نفذ وعوده و لم يبقى غير وعودها هي..نقل جدتها لاكبر المستشفيات و خضعت لأقوى العلاجات وبفضل الله اصبحت في حالة جيدة و الآن تمكث عند الجارة التي تهتم بها مع ممرضة خاصة هذا طبعاً بخلاف دفعه لإجارة المنزل و المال الذي يقدمه للجارة دعماً لبيتها..و الآن مرت ثلاث ايام على خروج جدتها من المشفى حاولت بقدر الامكان أن تفرح بهذه الايام بين احضان جدتها الدافئة..كان يراقبها من الباب تحتضن جدتها و هي تكبت دموعها بالقوة ..يا الله كيف له أن يشهد حب حقيقي بين امرأة عجوز و شابة ..لم ينظر يوماً لهكذا مشهد..وجد نفسه يخفض نظراته و شعور من الغيرة يتملكه لم يحصل يوماً حتى على أب او ام حنونة حتى بالحب كان دوماً فاشلاً الجميع كان اناني مهتم بنفسه و مركزه فقط..و حين فقدهم لم يشعر إلا بالخواء..و ملك تكاد تموت لأنها فقط ستفارق جدتها

لبضعة أيام هذا وجدتها حية ولم تمت..ابتسامة شيطانية زينت شفتيه ليدرك أن بكاء ملك ما هو إلا ادراك بالواقع ..أنها تودع جدتها وكأنها ستموت ..نعم هي ستموت بمنزله..حتى الآن لا يعرف ما يريد و لم يخطط لشيء غير أنهُ يريد أن يراها معه..

- " بني.."

اجفل على صوت الجدة ليتقدم متجاوز الباب بسكون نظر لها فاكملت القول

- " اهتم أنت وشقيقتك بملك ..أنها امانة عندكما..و هي ستقوم بعملها باكمل وجه..انا اعرف ابنتي جيداً.."


لم يرد إلا بهزات رأسه ..فقط لمحة الانكسار بعيني ملك هي من كانت تشغله ..واصلت ام مختار تكمل بشحوب

- " شكراً بني..لقد ساعدتنا كثيراً ربما بعثك الله لنا لتك.."

عينيه غلفتا بجليد مدمر على آخر جملة إلا أن ملك قطعتها فوراً لتقول

- " جدتي..اهتمي بنفسك..يجب الآن أن اغادر.."

- " تعالي لرؤيتي .."

- " حاضر.."

قالتها برقة خافية حزنها و شعور يخبرها بأنه اليوم الأخير الذي سترى جدتها به ..احتضنتها لتنسال دموعها ببطء مسحتهم بسرعة فور أن ابتعدت عنها و من دون أن تنظر له غادرت المنزل لتنزل السلالم بسرعة بينما كان يلحقها ببطء مستفز و كلاهما لا يدرك أن رافي يراقب الامر بصمت قاتل..يشعر بالعجز و لا يمكنه فعل شيء دام لا يملك المال..حرك رعد سيارته بهدوء قاتل حتى عينيه كانت في عالم آخر ولو أن الطريق كان فارغاً لربما ارتكب حادث مروري ..عقله الآن اسود ..حتى و هو يسترق النظر إليها رغم ملامحها البريئة الساكنة إلا أن افكاره لم تتوقف عن الثوران و هو يتخيل ملمس بشرتها جسدها النحيل و بهذا الشعر الكثيف الناعم الذي يحلم بأن يمر بين اصابعه السمراء يتلمس حريره بلذة..لكن كيف..وهل يقدر..؟..اعاد النظر إلى زجاج السيارة ليوقف بعدها سيارته امام منزله الفاخر..فتحت باب السيارة نازلة قبله ليلحقها بخطوات اسرع ..نظرت نظرة فارغة للمنزل لقد مر شهر كامل لم تدخله لم تنظف ارجاءه هل كان هناك من يعتني به من قبلها..تساءلت قبل أن تشعر بالحركة القادمة من داخل الحديقة لم تفكر لأن صوت رجولي هتف من داخل الحديقة

- " اهمال منك رعد أن تترك باب الحديقة مفتوحاً..لكن لا تقلق بحثتُ بالأرجاء لو كان لصاً مختبئاً بها.."

اكمل جملته ضاحكاً ..و هو يخطو خارجاً ليظهر جسد الرجل مطلاً لهما من باب الحديقة ليأتيها فوراً تعليق رعد

-" و إن لم تجد لصاً سأكون وفرت على نفسي ضريــبة

رد الجميل.."

اكمل كلماته ببعض المزاح المبطن و هو يتقدم ليصافح صديقه هاتفاً

- " لم اتأخر عليك أيمن صحيح ..؟.."

عينيها الرماديتان تحركتا حين احست بالجسد الثالث الذي دفع باب الحديقة بقوة من الداخل لتتجاوز الشابين خارجة إلى الشارع رغم أن ملك كانت تراقب الموقف بحذر لكن عيناي

تلك الجميلة و ملامحها المتوحشة انعشت جزء من كيانها والهبته ..خاصة على صوتها الحانق و هي ترفع ذقنها بشموخ دون أن تخاف من الوحشين امامها قائلة." لن ابقى هنا دقيقة واحدة..انتزاعك لي من امام القصر يعد جريمة !..أبقى أنت وحدك مع حثالة تسميها صداقة.."

استدارت لتتحرك غير أن يده جاءت لتمسك بمعصمها تمنعها عن التحرك هاتفاً بهدوء يخالف التعصب بعينيه

- " ياسمين . ..لحظة سأصلك لشركة بنفسي.."

رفعت رأسها بغرور لتردد

- " أنا سأذهب الآن إلى الشركة لقد تأخرت كثيراً..أم نسيت أنني رئيسة احدى الفروع المهمة في واحدة من شركات حلمي ناصر.."

قالتها بفخر و ثقة وهي تعدل من بدلتها الرسمية البيضاء ..نظرات رعد كانت مخلتفة لها عن ذاك اليوم حين رآها بالجامعة بتلك الملابس العادية فالآن و هي ترتدي ملابس رسمية بقطعتين و شعرها الاشقر المصفوف بعناية بالإضافة لبعض أدوات التجميل الخفيفة جعلتها تبدو بمنظر فتاة اعمال صغيرة ذكية..تلقائياً اطلق ضحكة و هو ينظر لها يردد بطريقة مسرحية.."رباااه أيمن ..هل تنازلت امرأتك لـتأتي منزلي...!."

ذهل من صرختها التي قطعته بقوة

- " أنا لم اتنازل و لن افعل ابداً..لا اتشرف ابداً برؤية امثالك بهذا الصباح..إلا انني قدمت مختطفة..اكملت بتهديد ..و احذر من لسانك حين تحدثني فأنا اعلى من ان اكون امرأة قذر مثله..لو اردت أن تذكر سيرتي فقل "مديرة."..اعتقد أن الألقاب مهمة جداً خاصة كوني فتاة اعمال .."

استمتعت حقاً بعينيه التي ضاقتا بغضب و أيضاً بغرورها الممتع بعد أن انهت كلامها بغرور ليرد عليها مستهتر

- " كنتُ اعتقد أن الانسان يعود لطبيعته خارج مقر عمله.."

اكتفت بإعطائه نظرات متعالية لتحرك رأسها تتجنب النظر إليه لتمحو نظرات التعالي بعيداً حين وقعت عينيها على تلك العينين الرمادية و هما تحدقان بالموقف بحذر ..لم تعرف ياسمين كيف هدأت لترسم ابتسامة غريبة كأنها تحاول محو شخصيتها المتعالية من عيناي تلك الفتاة حتى أن أيمن كان قد ارخى قبضته عليها ملاحظاً ملامحها التي استرخت فجأة و قبل أن تخطو خطوة اخرى جاء صوت رعد مقاطعاً و هو ينادي

- " ملك لندخل.."

افاقت ملك لتتحرك بسرعة لتسير داخل الحديقة غير مستشعرة بنظرات ياسمين المستغربة ..هذه المدعوه ملك لا تبدو ابداً من النوع الرخيص أو حتى من النوع المرضي لقذرين مثل رعد أو حتى أيمن ..جاء صوت رعد و هو يسير نحو منزله هاتفاً

" انتظرني ايمن قليلاً..سأحضر لك الأوراق.."

فكرت ياسمين أي أوراق تكون تلك..ضاقت عينيها و هي تراقب الفتاة الخائفة بجوار رعد و كأن مصير الاعدام قد حكم لها..احست بالشفقة اتجاهها حين دفعها رعد بخفة ليدخلها لداخل البيت تاركاً الباب مفتوحاً خلفه كل هذا كانت تراه عبر الفراغ بين الاعمدة الحديدة المحاطة بالحديقة تحركت نحو باب الحديقة لتتدخله تلقائياً تحاول سرق النظر لداخل المنزل من دون فائدة حتى أنها تخلت عن فكرة الذهاب إلى الشركة......فور أن تجاوزت ملك الممر الضيق المتوسط الطول حتى وقفت امام الصالة بسكون تلاشى فور أن رأت الخراب المحيط بالمنزل ..حاولت منع شعور الغثيان بصعوبة من منظر قوارير الكحول الزجاجية مكسرة او مرمية باهمال ..لم يكن شيء مرتب ..لا شي..حتى الأريكة قد تخلت وساداتها الفاخرة عنها خطواته الهادئة على الارضية اثارت اشمئزازها ليزداد اكثر حين لمحت فوضى غرفته من بابها المفتوح " ابدئي التنظيف.."..قالها بعيناي تنظر لها بتصغير و جسده يستقر جالساً على يد كرسي الاريكة مشعلاً سيجارة بين شفتيه نافثاً دخانها بتلذذ..راقب تحركاتها المشتتة

بمتعة لتمرر كفيها بين شعرها تشده بقوة غير عابثة بانفلات خصلات منه حول وجهها و كأنها سمعها تقول شيء لم يصل لمسامعه استنشق من دخان سيجارته قائلاً

- " اعيدي..لم اسمع.."

رفعت وجهها بقوة لتنظر له كمجرم لتهتف بحرقة

- " قلتُ أنني لن انظف هذه القذارة.."

وقف من على الأريكة ببطء ليقترب نحوها بنفس هدوئه المستفز " اعيدي.." بريق عينيه المحذر لم يخرس لسانها تجرأت على النظر لزرقة عينيه تقول بحرقة

- " لن امحو بيدي آثار قذارتك..لن امسح بيدي هذا الفسق..!.."

آخر شيء رأته هو انطفاء سيجارته تحت قدميه ليرتد رأسها إلى الوراء من الصفعة التي هوت على خدها بقوة تعيد جسدها إلى الوراء خطوات تمالكت توازنها بصعوبة لكن حرارة خدها وثقله اشعرها بالضعف و العجز حتى من رفع رأسها..أنه الذل ..الذل ما ستراه في هذا المنزل..لا يمكنها أن تبقى مستحيل..ببطء رفعت رأسها تقاوم ثقله ومن بين خصلات شعرها المنسدلة على جبينها نازلة على عينيها نظرت لاحمرار عينيه و ملامحه القاسية تعلو اكثر واكثر بوجهه احست برغبة بالبكاء المرير لكنها كبتتها و هي تنطق

مصرة ببطء

- " لن تغير شيء سيد رعد..اصفعني مرة و اخرى..لن ابقى هنا.."

استدارت دون أن تفكر لتغادر لتنتفض على صوته الصارخ

- " بيننا اتفاق..دفعت الكثير من أجل جدتك.."

اعطته ظهره و هي تنطق بانكسار

- " بيننا الشرطة ..اذهب وبلغ عني ..السجن افضل من أن اعيش معك.."

قبل أن تخطو خطوة هدر صوته بقوة

- " ملـــك..!!.."

تجمدت بمكانها دون ان تلتفت إليه أو تتحرك شلل اصاب قدميها

على قوة صوته ..أنها غير معتادة على قسوة الرجال و ربما تعصبهم ..لم تتعايش ابداً مع رجل خاصة حين جاءت كلماته

تعتصر قلبها بقوة

- " ما كنت لأدفع قرشاً واحد لك ..فأنا لن اجني شيء من سجنك..صاح مكملاً..لا تعتقدي أن الغدر سيكون سهل معي"

استدارت لتحدق به بضعف وبثوان ثارت عينيها لتقول بقسوة

- " قل عني ما تريد..خاينة و كاذبة على الاقل خير من أن اكون بضاعة رخيصة بين يديك...امتلأت عينيها بالدموع لتكمل بصوت اعلى..خير من أن اكون مثلك.."

- " ملـــــك !.."

جحظت عينيه حين صاحت بتفاعل غير مهتمة بدموعها التي تنسال بحرقة و هي تردد بقهر

- " ملك .ملك ..ملك..لقد اصبحت اكره اسمي حين يخرج من شفتيك.."

- " اخرسي.."

نطقها وقد طفح الكيل حقاً..لم يأبه لصرختها و هو يقطع المسافة الفاصلة بينهما ليمسك فكها بين سبابته و ابهامه يشد شعرها بيده الأخرى ليتحكم بحركة رأسها بعنف اصابعه بقوتها اشعرتها بالألم الذي يكاد يكسر عظام فكها عينيها الدامعة تعلقتا تنظر لملامحه الثائرة و هو يقول من بين اسنانه بغضب

- " اضحكتني ..أنا اتعامل مع الخائن بطريقتي الخاصة لا اكتفي فقط بالنظر إليه مع قول بعض الكلمات التافهة او حتى أخذ حقي عبر مركز الشرطة..كز على اسنانه بعنف ليكمل ..و بالنسبة لاسمك فأنت خادمتي واناديك كما اريد ..يا ملك..."

-" اتركني ..اه..أنت تؤلمني.."

لم يكن يشعربقسوته معها لمعت عينيه بشراسة متلذذاً بدموعها و هو يكمل

- " اريدك خادمة..دفعت هذا المال لتكوني خادمتي ..وليس كي ازجك بالسجن ..في كل وقت تذكري أنني اعلى من أن اعبث مع خادمة لا تملك حتى جسد مثيراً وحاولي قتلي كما قلت من قبل لو فكرت بالتهجم عليك اصلاً..."

نظر لعينيها مستمتع بالخوف و الالم ليكمل..

- " مع انني اخبرك بأني حتى لو اردت جسدك فأنا سآخذه ..شئت ام أبيت.."

بوضعها السيء فكرت كم هو مجنون و كلامه متناقض عن افعاله فهذا الذي لا يتنازل ليقربها كما يقول كان قبل شهر يتهجم عليها جسدياً من بين آلامها نطقت

- " اتركني.."

صرخت حين دفع بجسدها بقوة للجدار لترتفع يده مرة اخرى قاصدة خدها اغمضت عينيها ثم فتحتهما حين لم تشعر بالصفعة..توسعت عينيها على الصوت الانثوي الذي وصل لأذنها احست بقلبها يدق بقوة من هول المنظر فقط شعيرات شقراء كانت تتطاير وصوت حاد كان يصرخ بجنون

" يا من تعتقد نفسك رجل..تضرب الضعفاء.."

كانت تتحدث و يديها تضرب جسده بقوة تثرثر و تشتم بعنف

لتحرك عينيها نحو ملك قائلة

- " اهربي..لا ..لا..لحظة اشفي غليلك واضربيه ثم اهربي.."

كلماتها كانت اشبه بكلمات فتاة مجنونة ..ملك كانت تعرف أن رعد مصدوم و إلا لما صمت يحدق بالموقف بغباء و حقاً لم تمردقيقة حتى دفع ياسمين عنه بدون صعوبة ليصرخ

- " ابتعدي عن طريقي ..يا مديرة .."

لم تكن ثوان حتى اندفع ايمن مسرعاً لداخل ليجد ياسمين تضارب رعد بعيداً عن هيئتها الانيقة بحركة سريعة انتزعها من جسد رعد و هي تشتم بقوة تدفع ايمن وكأنها صدقت أنها اقوى من رعد.." توقفي ياسمين.." قالها أيمن بذهول و هو يمسك بكلتا ذراعيها بقوة ..افاق على صوت رعد قائلا بتعصب

- " ايمن ..خذ هذه المجنونة و غادر من امامي.."

حرك رأسه بآلية و قد نسي أمر الأوراق ليسحب ياسمين معه خارجاً تحت نظرات ملك المصدومة..وجد صعوبة كبيرة بسحبها فقد فقدت كل عقلها و اصبحت تضربه بدلاً عن رعد فتح باب السيارة ليدخلها المقعد الامامي لكنها تشبثت بذراعه لتنطق

- " انقذها أيمن.."

بصدمة نظر لها فواصلت

- " انقذها بالله عليك واشعرني يوماً انك رجل.."

حين صمت صاحت مرددة

- " أنت مثله لا تمتلك ضمير لقد كان يضربها ..يضربها ألا تفهم..!!.."

اغمض عينيه بصبر ليقول

- " ياسمين تلك الفتاة تكون خادمته..و لا شأن لنا بما يجري.."

عضت على شفتيها محركة عينيها بيأس لتقول

- " و ماذا لو كانت يوماً شهد محلها أيمن..ألن تشعر بحرقة و هي تهان هكذا بين يدي رجل ..بغض النظر عن مكانتها عنده.."

برقت عينيه باعتراض ليهتف بثقة

- " شهد ..هي عسلي و من يتجرأ يوماً على إهانتها سأمزقه باسناني هذه .."

دفعها داخل المقعد ليغلق الباب بينما استمرت هي تصرخ حين اعتلى مقعده

- " لا تعرف أن الدنيا قد تدور بك ..ربما يوماً تكون ميتاً اذهب وانقذ ملك فستجد من سينقذ محبوبك بغيابك.."


بدون اكتراث رد

- " لا تتشائمي من أجل حياتي.."

اغمضت عينيها بقهر فيما يحرك السيارة بسرعة ليخرج من الحي بأكمله نحو الطريق العام دون أن تفارق عينيه عينيها كلما اراد استراق النظر نحوها ابتسم على تغيرات وجهها و هي لازالت مغمضة عينيها بتعصب تضرب رأسها بخفة على ظهر الكرسي تفكر بجهد..اشاح عينيه مسرعاً ليركز بالقيادة حين فتحت عينيها بقوة لتصرخ فوراً..

- " اعدني.."

- " كيف..؟.."

رددت بقوة

- " قلتُ اعدني عند ملك ...اخشى عليها من ذاك المجنون ألم ترى كيف كان منظر بيته المقزز..و.."

قطعها باحتجاج متعصب

- " ياسمين..لن تتوقفي عن اغلاق فمك يا طويلة اللسان.."

ضرب بكفه المقود ليكمل ..

- " ليس شأنك..كم علي أنا أن اردد هذا الكلام..تلك المدعوة ملك لم تريها غير ثوان فما شأنك بها.."

- " أنت لا تعرف معني الانسانية و حقوق الإنسان.."

شعر حقاً بصداع و هو يرد

- " نعم لا اعرف ولا افهم .."

فتحت فمها لترد عليه غير ان الرسالة الهاتفية برنتها المميزة اوقفتها عن التحدث ..اخرجت هاتفها من حقيبتها لتفتح الرسالة ثم ترد..فهم ذلك من اصابعها التي كانت تتحرك على على الهاتف بدت مشغولة جداً حتى ملامحها الثائرة قد هدأت لترسم ابتسامة ناعمة و عينيها معلقة على شاشة الهاتف لأول مرة يرآها ياسمين الرقيقة بجانبه ..لم يستطع تخيلها برقة اكثر سرعان ما دست الهاتف بهاتفها لتصرخ..

- " انزلني هنا.."

- " يا الله..!.."

تعصبت لتضرب كتفه بقوة مرددة ..

- " انزلني أيمن .."

- " هل يمكن ان اعرف إلى أين ..؟.."

نظرت له بشر لتفاجئه بفتح الباب فيما سيارته تتحرك ..بأقل من دقيقة صف السيارة جانباً لتنزل منها بشموخ بعد أن اعطته نظرة كبرياء قاتلة رآها تسير نحو المقهى الصغير الفاخر ..اكتفى بالنظر إليها عن بعد وقبل أن تبتعد عن عيناه لحقها مسرعاً دون أن يلفت انتباهها ..لقد نزلت فور أن امسكت بهاتفها النقال تراسل احدهم..تلقائياً تراجع خطوتين إلى الوراء حين لمحها تجري مكالمة هاتفية قبل أن تتحرك بسرعة داخلة المقهى لتجلس على إحدى الكراسي..احس بالبرد يغزو عظامه لكنه تحامل على نفسه مراقباً اياها تجلس لتمر دقائق فتنحى جانباً ينظر لها عن بعد داخل المقهى قبل أن تقف فجأة تلوح بيدها نحو الباب عن بعد راقب ذاك الشاب الذي كان بنفس اللحظة يتجاوز باب المقهى سائراً نحوها ..ضاقت عينيه برفض حين اقترب منها ليحتضنها بخفة و يبعدها عنه بلطف ..فادي..نطق باسمه بصعوبة..هو نفسه ابن خالتها بالطبع لقد عرف هذا من ندى التي تخبره بكل ما يريد و تؤكد له ذلك بصور اخرى..لقد رآه من قبل مع ياسمين في الجامعة هل هو سبب تلك الابتسامة الرقيقة و الهدوء الناعم..احس بقلبه ينقبض حين ربت فادي على كتفها و هو يتمتم بكلمات لم تصل لمسامعه قبل أن يسحب له كرسياً ليجلس عليه معطياً أيمن ظهره .آلياً وجد قدميه تتحرك نحوهما ..توقف خلف ظهره على بعد خطوات عاجزاً عن التقدم اكثر كلمات كثيرة كانت بينهما بالأول تبادلهما عن اخبار كلاً من حال الآخر و قد شتمته عدت مرات عند فادي مكتفية بمدح الجميع بالذات "أنور"..وقبل أن يقترب النادل نحوه كان يجلس على احدى الكراسي حريصاً بقدر الأمكان أن يكون موقعه مناسب حتى لا يكشف طلب طلباً من دون اهتمام مستغرباً أن الحمقاء لم تنتبه لتواجده لتشتعل النار به اكثر مدركاً مدى انسجامها بالحديث..

قبض على كفيه بقوة ليسمعها تدخل بمواضيع كثيرة والدتها و امور عن والدها لينتهي الحديث بينهما بكلام ودي يغلبه العفوية التي اشعلت شيء بداخله..اتسعت عينيه على جملة واحدة منها حين قالت بدلال

- " حفل شيماء رفيقتي في الغد ..ما رأيك أن تصاحبني..الجميع سيتفاخر برفيقه عداي.."

اكملت ممازحة فرد عليها بمزح

- " اصطحبي انور فلسانك لم يتوقف عن مدحه.."

ضحكت لتعلق

- " كنتُ لأفعل إلا أنهُ مشغول في العمل..هذا الرجل رائع حقاً.."

ضحكت ليضحك معها فقالت

- " أنا اتكلم بجدية ..شيماء عادل ستقيم حفل ضخم بمناسبة عيد ميلادها بإحدى الفنادق الضخمة ..لا يمكنني الحضور لهذه الفنادق بمفردي.."

- " و هل هي رفيقة مقربة جدا..؟.."

- " أنها الوحيدة التي ترافقني حتى الآن..."

ابتسم لها مردداً بعض الكلمات غير أن ايمن لم يكن يركز إلا بشيء واحد فقط ..شيماء عادل..لا يمكن ان تكون تشابه اسماء حيث ان بطاقة دعوة العيد ميلاد قد وصلت ليديه ليلة البارحة له و لرعد..اغمض عينيه ليدرك أنها ليست مجرد تشابهة اسماء فهي شيماء ايضاً تدرس بآخر سنة بإدارة الاعمال و بنفس جامعة ياسمين ايضاً..شيماء ابنة اكبر تجار البلد لم تكن يوماً صديقته فقط بل قضت ليال بين احضانه حتى تركها بعد فترة و لم يكن حتى يفكر بقدوم عيد ميلادها ..احس بالصداع يشتد برأسه حين سمع جواب فادي و هو يعدها بالمرافقة هواء بارد اكتسح جسده فوقف بخفة ليترك اوراق نقدية على طلبه الذي لم يصل ليخرج إلى سيارته وقد اكتفى بما سمع..مشكلة أن تكون ابنة عمه رفيقة لشيماء عادل..ألم تسمع المجنونة عن سمعتها السيئة أم ان شيماء خبيثة لتظهر بمنظر الطاهرة امام ياسمين ..تنهد و هو يشعر بالانهاك ليتصل لرعد فوراً ربما يخلص ملك من بين يديه الآن..


السابعة والنصف مساء..

...............................

بتكاسل دس مفتاح المنزل بقفله يده تحركت ببطء لتدير المفتاح ليس كسلاً بالحقيقة خوفاً من الدخول..الضعف امام عينيها الحزينة كحياتهما معاً لازال غير مستوعباً أن ملك ستنام عنده الليلة..اطلق تنهيدة على صوت انفتاح الباب عادة ينام في شقته و لا يدخل منزله بهذا الوقت لكن مع تلك المعركة التي حدث بينهما صباحاً ليجبرها على البقاء مهدداً إياها بأنهُ سيرمي جدتها التي لازلت تحتاج إلى العلاج في الشارع ..الغريب أنهُ يشعر أنهُ نذل..وكأنه من قبل كان الملاك الطاهر..اخيراً دفع الباب ليدخل نحو الممر فيتجاوزه بخطوات كبيرة خلع سترته الجلدية ليرميها باهمال على الأريكة ..ابتسم بانتصار لتبرق عينيه بتحدي فمنظر الصالة اللامع ارضى غروره ..لا يوجد أي فوضى فهي مسحت كل شيء بيدها بعد أن تجرأت على تحديه و حاولت خداعه ..دس وجهه بين كفيه مريحاً ظهره على ظهر الأريكة ..شعور من التعب بدا يتسلسل إليه ليفتح عينيه بقوة على صوت انين ..انين يقطع من يملكون قلوباً. .!..تحركت عينيه تلقائياً نحو باب غرفته ليجده مفتوح حتى النصف لامحاً جسدها يتحرك بالغرفة و هي تكبت صوت بكائها ليتحول إلى انين ..بخطوات هادئة اتجه نحو الباب ليستقر بجانب إطاره بخفه ..لم تكن تنتبه له ابداً..عينيه راقبت تحركاتها المرتجفة ..بينما تلملم بيديها نفايات لتدسها باكياس قمامة سوداء..بين لحظة واخرى تمرر ظهر كفها لتمسح دموعها المقهورة ..كز على أسنانه حين اخذت ترتب سريره من جديد بعد أن غيرت الملاءة إلى ملاءة قطنية لم يكن يدري أنها متواجدة بالخزانة اصلاً..اصبحت الغرفة الآن نظيفة تماماً انحنت لتأخذ الكيس لترميه بسلة المهملات استدارت نحو الباب لتصعق بعينيه تحدق بتحركاتها بفراغ...تلقائياً اخفت نظرات الخوف و القهر لتبدلها بنظرات جامدة ..حاولت أن تخفي ارتجاف جسدها حين خطا اول خطوة ليدخل الغرفة لم تكن تركز بالكيس الأنيق بين يديه جلس على سريره ليضع الكيس جانباً مستمتع بالخوف الذي تخفيه بصعوبة قدميها تحركتا بتعثر ليأتيها صوته قائلاً بأمر..

- " توقفي ملك.."

توقفت بمكانها مستشعرة بجسده يقف من على السرير الواسع ليدور حولها ثم يقابلها بتسلي عقدت حاجبيها بحذر فابتسم ليمد الكيس نحوها قائلاً

- " غيري ثيابك بهذه.."

اشار لها نحو الكيس ليرفعه امام وجهها مكملاً

-" وسجلي اغراض المنزل بورقة يجب أن نخرج لنشتري الأغراض الناقصة.."

لحظة صمت سيطرت على الجو المكهرب فقط عينيها كانت معلقة على الكيس تنظر له دون أن تبدي أي تعابير لتقول

- " سأسجلها لك ..واذهب واشتريها بمفردك.."

صرخة قصيرة انطلقت من فمها حين انقضت يده تعتصر ذراعها بعنف مع بريق عينيه المحذر ..

- " اتركني.."

اخفضت رأسها للأرض ليهزها بقوة مكملاً من بين أسنانه

- " حين اطلب منك شيء تفعليه من دون كلمة اعتراض...ولا أي مجادلة.."

شفتيه مالتا نحو اذنيها ليكمل بتهديد..

-" أي شيء اطلبه..أي شيء ومهما كان الثمن.."

دفعها بقوة ليرتد جسدها إلى الوراء ..رمى الكيس تحت قدميها مراقباً تنفسها المضطرب ..شعرها التي تخفي جماله بتلك الكعكة خلف رأسها وبشرتها الصافية شفتيها وكل شيء بها مغري..لم يستطع تمالك اعصابه التالفة و هو يتراجع خارجاً من الغرفة قائلاً بحزم..

- " سأنتظرك في الخارج ريثما تستعدين.."

بخطوات سريعة خرج من البيت لتستقبله نسمات الهواء الباردة ..لم يفكر بالعودة ليرتدي سترته بل سار حتى باب الحديقة الحديدي ليتكأ عليه مقابلاً لباب البيت دون أن تفارق عينيه الباب ينتظر خروجها..عض على شفتيه متخيلاً منظرها بالملابس التي اختارها لها بالصدفة لمحها على دمية العرض بإحدى محلات الملابس ليتخيل ملك ترتديها..اه فقط كم يتمنى رؤية تفاصيل جسدها الرشيق التي تخفيه بثوبها الواسع المهتر..اكثر من خمس عشر دقيقة مرت دون أن تخرج فكر أنها تعانده لكنهُ تراجع عن تلك الفكرة ليقرر الصبر اخيراً و لم ينتظر اطول ..حين خرجت بهيئة لطيفة رقيقة.. كانت تعطيه ظهرها و هي تغلق الباب خلفها بينما عينيه تمر على انحاء جسدها بتفاصيله..اشترى لها ملابس محتشمة نظراً لبيئتها التي كانت تعيش فيها..لمح نظرت ارتباك بعينيها تحاول اخفائها بصعوبة بينما يحاول استنشاق الأكسجين بصعوبة كم بدت له جميلة بالبنطال الأزرق الفاتح الملتصق بجسدها والبلوزة الأنيقة الوردية التي غطت جزء من كتفيها لتظهر ذراعيها البيضاء ثم تنسدل مغطية فخديها ..شعرها كان مرفوع على شكل ذيل حصان ليصل لأسفل ظهرها و اخيراً حررته من تلك الكعكة المغيطة أما وجهها لم يكن عليه أي أدوات تجميل حتى أنه خالي من ملمع شفاة لكنه كان نظيف يلمع نظافة ..اكمل تأمل حقيبة اليد الصغيرة بسيطة التي تحملها ثم لحذائها المسطح العادي..لاحظ أنه ينظر لها بينما تقف امامه بسكون تحدق بالأرض دون كلمه

- " تحدثي ..أنا لا احب الصمت .."

نطقها و عينيه لازالت تتأملها ليشعر بالضغط يرتفع به حين نظرت إليه لتعاود النظر إلى الأرض مجدداً..بتنرفز ردد

- " امشي ..امشي امامي فقط .."

لم تعلق وهي تلحقه نحو السيارة فتركب المقعد الأمامي بأمر من عينيه...اطلقت تنهيدة على صوت محرك السيارة و حين شعرت بالسيارة تحركت بدأت تشعر بالاختناق كعادتها يالله فلتحفظني من شره..دعت الله بداخلها و هي تنظر له بطرف عين مرتدياً تلك البلوزة من درجات الازرق الداكن مع بنطال من الجينز الاسود و على معصمه ساعة فاخرة زادته جمال ..ظلت تنظر لاسمرار بشرته الجذاب مع شعره الاسود المرتب بعناية فيما يحيط بوجهه لحية خفيفة تجعل منظره خطير ..ضاقت عينيها بأسى على حاله قد تشعر بالخوف منه لكن فور أن تشعر بالأمان منه حتى يتحول شعورها لشفقة ..حين كانت تغادر منزله عصراً كانت تقضي ساعات في منزلها تفسر بأمره ..شاب اعزب مقطوع من شجره تتعجب حقاً أين والديه قد يكون والده صاحب سلسلة المطاعم المشهورة بالبلد توفي لكن امه أين هي..؟..هل حقاً ماتت أم انه تقاسم ورثة والده معها ليبعا سلسلة المطاعم لأكبر تجار البلاد بعد أن ضاع عمره والده كله في رفع مستواها ..

حسناً ألا يملك شقيق..اخت..اخ ..حتى ابن عم او ابن خالة ..

احد من اقاربه..ابتسمت بسخرية بداخلها لتدرك أن الأمر ليس بمستحيل فهي ايضاً مثله تخلى عنها الجميع منشغلين بحياتهم..لكنها على الأقل متمسكة بجدتها بينما هو يعيش حالة من الضياع..يتسكع بين الظلام من دون هدف..لا شيء يرضيه...شهقة انطلقت منها حين احست بأنفاس حارة امام وجهها بينما اصابع باردة تمر خلف اذنها بعشوائية..عينيها اتسعتا وهي تنظر لزرقة عينيه وابتسامة خبيثة تزين شفتيه

- " سيد رعد..ا.."

- " رعد.."

نطقها رافعاً إحدى حاجبيه بتحدي لتدرك أن السيارة متوقفة وأنها كانت شاردة بعمق خاصة حين همس بحرارة

- " ..لا تعرفين مدى صبري وأنا احاول غزو افكارك لأعرف أن كنت تفكرين بي.."


عينيه اظلمت و هو يتطلع لشفتيها الورديتان بينما جسده مائلاً نحو مقعدها محاصراً جسدها النحيل بضخامته احس بانفاسها المضطربة تختلط مع انفاسه..يشعر بلهب يلهب صدره و هو يتطلع لبراءة تلك العينين..قلبه يعتصر من دون سبب رافضاً لقوة الجذب والتي صاحبتها فتاة عادية..أنها خادمته و هو نسي الأمر بل انه متلذذ بكونها لعبة يتلاعب بها.. يديه ترتفعان من دون شعور بارتجاف تلامس نبعتها المتحررة على جانبي اذنيها

- " سيد رعد.."

الكلام كله كان يتبعثر من فمها ليزيد قلقها مقاطعاً لها

- " أنا رعد..رعد يا ملاكي ..من دو ألقاب.."

-" رعد.."

نطقت برجاء إلا أن صوتها كان كوخز حاد ايقظه من هذا التخدير ليتراجع نحو مقعده مبتسماً بهدوء وكأن الأمر عادياً ..التصقت بباب مقعدها فتشعر فجأة بحركة السيارة مدركة أن اشارة المرور اصبحت خضراء الآن..عادت النظر إليه لتجد ملامحه يكسوها الجمود لم تكن تعرف أن ما ابعدها عنه فقط هو صوت عقله يناديه بأنها مجرد خادمة و لم يأتي لها ليتأمل تفاصيلها بل فقط لتنظيف..أو ربما لأشياء اخرى لكنه لم يحدد الهدف حتى الآن ..اوقف السيارة امام احدى الأسواق المشهورة حيث يحوي على محلات عديدة..أنهُ يفكر الآن بحفلة الغد ..حفلة شيماء عادل لم يكن يريد حظورها لكن بما أنهُ خطط مع أيمن فيجب أن يفعل نظر لملك بمكر مبطن ليهتف بسره.." من اليوم ستكونين مرافقتي في كل مكان.."

- " لننزل.."

قالها ليقرن كلامه بالفعل حيث فتح الباب ليترجل منه خارجاً فتفعل مثله..برودة لفحت جسدهما بقوة لم يكن احدهما يرتدي معطف يقي من هذا البارد القارس سار ليقف بجانبها ليردد باعتياد

- " الجو بارد جداً.."

هزت رأسها موافقة وهي تغمض عينيها من الهواء الذي يشتد برودة احست بكفة تمسك معصمها ليجعلها بجانبه قال وهو يسير معها..

- " لو كنت امتلك معطفاً ما كنت لأحرمك من لحظات الرومانسية وأنا ادفيك به.."

- " احتفظ بلحظاتك الرومانسية لنفسك.."

ظنت انها قالتها بصوت غير مسموع إلا أن توقفه ليستدير و هو ينظر لها بشك جعلتها تدرك أنهُ سمعها حاولت نزع يدها منه و هي تقول

- " ألا يجب ان نذهب لمتجر المواد الغذائية..فهذا سوق الملابس.."

احكم امساك يدها بعناد لينظر لها بتنرفز قائلاً

- " تجيدين التحدث حين تريدين تغيير الموقف لصالحك.."

- "أنا..!..."

- " بل أنا.."

ردد ساخراً وهو يجرها خلفه فتحاول نزع يدها منه دون فائدة فضلت الصمت فهي تدرك أن هذا المجنون سيرتكب فضيحة أمام الناس من دون اكتراث..سارت معه دون أن تفارق عينيها المحلات اللامعة لم تعرف هذه الاسواق في حياتها ابداً ولم تتخيل أن تدخلها مع رب عملها ايضاً..احست بسرعته تزداد وهي تضطر لملاحقته ..توقف اخيراً امام احدى المحلات لينظر لاسمه جيداً حرر معصمها فابتسمت براحة و هي تدلك مكان قبضته.."نعم..هو.."

كان يحدث نفسه قبل أن يعطيها نظرة حازمة ليردد

-" لندخل.."

المحل كان للملابس الفاخرة وبدا أنهُ الأفضل في هذا السوق..فألوان الملابس وتصميماتها كانت مذهلة..بالاضافة لتلك الاقمشة من جميع الانواع..اطاعته دون كلام لتدخل خلفه..تنهدت باحباط حين عادت يده تمسك بكفها هذه المرة بتملك..لم تخطو خطوات كثيرة في المحل الواسع والضخم حين اعترضتهما موظفة انيقة و هي تبتسم ابتسامة جميلة لتهتف

- " سيد رعد..اهلاً وسهلا.."

عيناي ملك راقبت ابتسامة رعد و هو يحاكي الموظفة بود ..شعور الغيظ منه يزداد اكثر واكثر فمن الواضح انهُ زبون مهم هل يشتري لنسائه من هنا ..؟..اجفلت حين استمعت لصوته يقول

- " اريد اجمل فساتين سهرة.."

بنظرة نارية نظر لها ليشير بيده نحوها مكملاً..

- " جميلة لتليق بملاكي...."

ملاكه..!..مشاعر انثوية تداعب قلبها و رغم كل ما تملكه من كراهية لرعد إلا أنها تنسى كل شيء بمجرد مداعبات خرجت من فمه و كيف لها أن تكون جافة المشاعر تحت تأثير رجل كرعد بغض النظر عن حياته و كم تخاف من أن تنمو مشاعرها شيء فشيء لتنسى أي ظروف جمعتها به ..!.من بين اضطرابها حاولت أن تكون هادئة حين نظر لها بتسلية غامزاً بمكر فاسبلت اهدابها بعيداً بحرج ..وصوت الموظفة تقول

- " تعالي معي لأريك أفضل فساتين السهرة.."

لم تتحرك خطوة واحدة بل رفعت عينيها تحدق بالموظفة الجذابة لتردد

- " لحظة من فضلك.."

ابتسمت لها الموظفة بمجاملة لتتراجع خطوة إلى الوراء مراقبة ملك و هي تستدير لتقابل رعد ..بدت له قصيرة جداً و هي ترتدي الحذاء المسطح امام طول رعد المتناسق..همست باختناق فيما تقترب نحوه خطوة لا تفصلهما سوى سنتيمترات قليلة

- " سيد رعد ..لا يلزمني أي ثوب لسهرة و.."

اغمضت عينيها بصبر من قبضته القاسية على معصمها و هو يشدها ليكمل المسافة الفاصل بينهما ملاصقاً جسدها بصدره

مع ابتسامة جذابة اغاظت الموظفة لتستدير ذاهبة لزبون آخر فيما الغضب كان يطل من عينيه و هو يدنو برأسه ليتمتم

- " سنشتري ثوب سهرة فأنت ستحتاجين إليه حين تكوني رفيقتي..ومن دون أي نقاش.."

احساس الذل يزداد بمرور الدقائق..حتى دموعها لن تفيد الآن ..كبتت كل تلك الاحاسيس غير أن عيناها نطقت بكثير من الرفض والتحدي ..تطلعت إليه محاولة أن تكون قوية لتقول كلماتها بتصميم

- " افعل ما شئت..أنها اموالك ..لكن اعرف أنني لن احضر معك حفلة واحدة..."

انطلقت ضحكة خفيفة منه ليرتد رأسه إلى الوراء دون أن تتخلى قبضته عن معصمها ثم عاد ليقول لها..

- " الحقيقة صعبة جداً..لكن مع الوقت ستعتادين.."


" هل اخدمك بشيء..؟.."

جاء صوت الشاب منبهاً لهما فتراجعت فوراً لتسحب يدها منه ..عينيها ارتفعتا لتحدق بالشاب المبتسم و هو يكمل..

- " لدينا فساتين رائع ..ستناسب جسدك جيداً.."

احست ملك حقاً بالرهبة حين مرت عيناي الشاب على جسدها مقيماً ليكمل..

- " اظن أن الثوب الأسود الذي قمنا بعرضه اليوم سيروقك .و.."

صوت رعد كان حازماً و هو يقطع الحديث ليردد

- " اللون الأسود لا يناسبها.."

بيد حازمة امسك بمعصمها ليسحبها خلفه بقوة كاتماً شتائمه بصعوبة ..اتجه نحو احدى الموظفات لتعطيه ألبوم لأفخم الفساتين ..تطلعت بطرف عين للألبوم بين يديه يقلبه دون حتى أن ينظر لها ..كانت تشعر بأن هناك أعين تراقبهما تمسكت بحقيبتها كطوق نجاة لتشعر بجسده يقترب منها ليشير لها نحو الأريكة الواسعة شد ذراعها إلى الاسفل فجلست ليجلس بجوارها..عينيها كانت تنظر لوجهه المنسجم مع ذاك الألبوم يحدق بالصورة قليلاً ثم يقوم بالبحث عن صورة اخرى.. حرك عينيه نحوها لتقع على عينيها التي تتأمله ضيق في التنفس سيطر عليها خاصة مع الهواء البارد وابتسامته المتسلية التي لا تخلو من المكر

- " هذا مبهر.."

باصبعه كان يشير لاحدى الفساتين بعينيها المبهورتان اخذت تنظر له باعجاب ليعلو صوته مقاطعاً تأملها

- " احضري هذا الثوب من فضلك.."

افاقت على صوته و حركة الموظفة التي تقدمت لتنظر لثوب

- " لا .."

صوتها خرج معترضاً بشدة حتى أنه احتار و هو يحدق بها لم يمنعها عن التحدث و هي تكمل

- " لا..هذا الثوب قصيير جداً..أنه يكشف اكثر مما يستر.."


تراجعت الموظفة إلى مكانها و هي تحدق بالمشهد بهدوء فيما كان الشاب الموظف ينظر لرعد باستهتار فالثوب الذي اختاره كان من اللون الاسود و هو بالضبط ما كان سيعرضه عليهم..استمع لملك و هي تتكلم

- " أنا لا يمكن ان ارتدي ثوب كهذا.."

بصوت غير مسموع ردد

- " سنشتريه.."

لم تعرف كيف نطقت

- " لا تحاول اللف والدوران معي..دعنا نرحل من هنا..بالأصل أنا لا تناسبني أي من هذه الأثواب.."


صوت انثوي غريب تدخل ليحل الصراع الواضح بينهما رغم أن اصواتهما لم تكن مسموعة إلا ان ملامحهما كانت تنطق بذلك

- " ما رأيك أن نخيط لك ثوباً يليق بذوقك.."

كان صوت الموظفة تخاطبهما الاثنين و هي تكمل

- " آنستي يبدو ذوقك مختلف قليلاً.."

اقتربت منهما و هي تقدم لهما ألبوم اخر لتكمل

-" هنا اثواب آخرى..يمكنك دمج اكثر من ثوب معاً او اضافة بعض التعديلات ونحن سنحيك لك ثوباً مناسب.."

التقط رعد ألبوم ليبتسم لها بشكر مردداً

- " تمتلكون حقاً افكار مبهرة..لكن حفلتنا بالغد..وخياطة الثوب قد تحتاج اياماً.."


تطلع لملك ليجدها تكز على اسنانها بقوة فاكمل بثبات

- " سنشتري هذا الثوب..وايضاً سنحيك ثوباً للمناسبات الآخرى.."


كان يشير لها نحو ألبوم الصور حيث ذاك الثوب الاسود القصير و رغم أن عيناي ملك جاءت معترضة إلا انهُ اصر على كلمته اسندت ظهرها على ظهر الأريكة لتردد بسرها" اهدئي ملك ..لن تذهبي لأي حفلة و لن ترتدي هذا الثوب ابداً لن اقع في مستنقعه ابداً.."


تنهدت لتلتقط انفاسها بينما تشعر به يتحدث مع الموظفة عن تصميم الثوب الجديد اجفلت على لمسة اصابعه على يدها لتنظر له بشك فقال

-" قفي..يجب أن نأخذ القياسات.."

هزت رأسها لتستجيب له واقفة ..احست بخطوات الشاب صاحب القميص الأخضر يقترب منها و هو يتكلم بلطف لكنها لم تكن غافلة عن نظراته المطولة لها

-" قفي جيداً...أنا واثق من الآن بأن الثوب سيكون رائع عليك.."

لم تحب تلميحاته لكنها صمتت وهي تمسك بطرف شريط المقياس من الأعلى ليدنو هو حتى قدميها فيبتعد مسجلاً الطول...على الاقل سيكون الثوب طويل هذا ما فكرت به حركت رأسها لتقع عينيها على عينيه الزرقاء التي تحدق بها بتمهل عينيه كانت تلتهماها ببريق خاص مراقباً نفس الشاب صاحب اللسان المعسول يمد ذراعيه خلف كتفيها ..احس بعضلات جسده تتشنج حين انحنى الشاب ليقيس خصرها ..خصرها الذي لطالما اخفته عنها بثوبها الواسع و الآن هذا الموظف يجرؤ على الاقتراب منها بهذه الشكل

- " توقف.."

لم يلحظ أن صوته جاء غاضباً ..وهو يقف من مكانه ليردد بعصبية

- " ألا ينبغي ان تأخذ القياسات امرأة هنا..."

تطلعت له الموظفة بعجز حين نظر لها بشك فرددت بارتباك

- " أنا لستُ معتادة على أخذ القياسات هذه وظيفة سراج.."

سراج..حدق بالمدعو سراج الذي تراجع قليلاً ليس قلقاً من القتال بل قلق من اثارة مشكلة تؤذي لفصله عن العمل ..لم ينظر لملامح ملك الحائرة و هو يقترب بتعصب ليتلقط شريط القياس من بين يدي سراج ليردد

- " لا بأس ..سآخذ القياسات من نفسي..."

-" ما الذي تفعله رعد..؟..!.."

نطقت بصدمة و هي تتراجع خطوة إلى الوراء ليدرك أنها غاضبة و قوية ايضاً فهي لا تناديه باسمه من دون ألقاب إلا عند تكون غاضبة و تمتلك القوة او ربما تظن أنها تمتلك القوة ..بيداً واحدة امسك بيدها ليجرها امامه مثبتاً إياها ..

قربه الشديد منها جعلها تشعر وكأن حقنة من المخدر دخلت بجسدها احست بشريط القياس يحاط على خصرها ثم انحنى وجهه ليرى الرقم ليرتفع صوته هاتفاً بالرقم قبل أن يغيره إلى رقم اقل ليرفع عينيه مبتسماً هامساً ..

- " رشيقة جداً..بحياتي لم ارى مثلك.."

احست بانفاسه تحرق وجهها حين وقف ليدنو امام وجهها لم تفهم ماذا يفعل امام رجل و امراة من اتباع المحل إلا حين اقترب ليحاول قياس كتفيها مرة اخرى يديه التي لامست كتفيها تعمداً فيرتجف قلبها من حرارة جسده وهو يقترب منها بتعمد ورأسه يحنو نحو كتفيها لينفتح فمه بخداع متمتما بصوت يكاد يسمع

- " رائحة الصابون منعشة..."

لم تعد تحتمل اكثر تكاد تشعر بالانهيار و هي هكذا محاطة بين يدين رجل انتفضت تلقائياً متراجعة إلى الوراء مبتعدة عن جسده لتقول بتلعثم

- " سأقيس من نفسي..لا اريد مساعدة ..شــ..شكرا.."

نظرته النارية اوقفت دقات قلبها لترمش بارتباك حين تدخل المدعو سراج و هو يقول مرة أخرى

- " لا بأس..أنهُ عملي.."

اكمل كلامه و هو يأخذ مقياس آخر ليقترب نحوها قائلاً بتلقائية

- " قد تخطئين في القياس..يحتاج الأمر لبعض التعود.."

قبل أن يمد يديه بشريط القياس الأصفر حتى قطعه هذه المرة يداً عنيفة امسكت بكتفه بالقوة لتسحبه إلى الوراء بعنف شهقة انزلقت من الموظفة لتتوسع عينيها على الصوت الغاضب وهو يقول بتنرفز واضح

- " لا تلمسها ..اعتقد أنني اوضحت لك ذلك سابقاً."

اخفضت ملك عينيها للأرض لتكتفي بسمع الموظفة المرتبكة تقول

- " سيد رعد ..لا تغضب ارجوك نحنُ لا نغضب زبائنا و.."


قطعها معترضاً ليقول

- " أذن اجيدوا اختيار موظفين محترمين.."

لم يعرف ما يقول و هو يردد بصوت مرتفع بقهر

- " لم يبقى غير أن يقبلها أمام عيناي.."

صمت عما بينهم فقط أعين القليل من الزبائن المتواجدين كانوا يحدقون بهم..بخلاف الموظفين المتسمرين بأماكنهم دون كلام إلا أنه وحده من كان يشعر بالإجهاد عقله يخبره بأن خادمته ملكه ولا احد سيقترب منها لكن قلبه يؤلمه هناك شيء مخالف ..لم يفق إلا على شد بسيط لقميصه نظر لجانبه

ليحدق بجسدها الصغير وهي تنظر له باعتراض فيما وجهها يكسوه الإحراج وكأنها تخجل من تواجده معها استطاع أن يسمع صوتها بأعجوبة

- " دعنا نخرج.."

كلمتها تلك اعادت الموازين لعقله ليتركها بهدوء مخالف تلك العاصفة متجهاً نحو المحاسب فيحاسب على الثوب الأسود مصراً عليه متخلياً عن فكرة حياكة الثوب..شعرت بالاهانة حين حمل كيس الثوب الأنيق بعد ان دفع قيمته الغالية ليغادر المحل دون أن ينظر إليها فتبعته بقهر و هي تقسم أنها لن ترتدي هذا الثوب حتى لو اجبرها على الذهاب إلى الحفلة ستذهب بملابس النوم لكنها ابداً لن ترتدي هذا الثوب الفاضح..خرجت من المحل و هي تبتسم لهم باعتذار ليعطيها الجميع ابتسامة باهتة او عادية..اغمضت عينيها وهي تتأوه من برودة الجو لترى جسده يسير على طول شارع لحقته بخطوات سريعة لتسير بجانبه حاولت امساك ذراعه حين اسرع من خطواته لكنه نفض يدها عنه فاعترضته مسرعة لتقف مقابلة له..ابتسم باستهزاء على صوتها الذي خرج

- " تبدو لي كبيراً على تصرف المشاغبين حقاً.."

تذكره فقط لذاك الموظف و هو يقترب من جسدها جعلت النار تشتعل بعينيه ليقول

- " لا اريد ان اتحدث معك الآن..ابتعدي .."

هذه المرة لن تدعه يرحل لو كان هذا مصيرها فلن تواجهه بالفرار دوماً..عينيها تحولت لشر و هي تردد من بين أسنانها

- " على الاقل احترم كوني فتاة ..ما فعلته كان سخيفاً في اغلب المحلات يقوم الرجل بأخذ القياس ثم أنهُ لم يكن يغازلني.."


اقترب خطوة إلى الامام حين اكملت جملتها رافعة صوتها بتحدي..

-" هل اسمي هذا عتاباً..أم انهُ دفاع لشاب قذر.اكمل بتعصب..لا ترفعي صوتك علي من اجل شاب غريب ليس سوى عاملاً في إحدى المحلات لا تتجرأي ملك.."

توسعت عينيه حين ابتسمت بسخرية لتردد

- " رحم الله امرئاً عرف قدر نفسه..اعرف بالأول أي حشرة أنت ثم استصغر الناس حولك....."


الصدمة ألجمت لسانه و هو يراقبها تخرج ورقة من الحقيبة لتضعها أمامه و هي تقول بغضب مكتوم

- " اشتري اغراض المنزل ..أنا سأعود للمنزل بمفردي.."

لم تتح له مجالاً للحديث حيث انسحبت مختفية عن عينيه تاركة الورقة تهبط حتى قدميه فظل يراقب جسدها بفتور...فلتذهب تلك الصغيرة تعتقد نفسها قوية ..الغبية ..ظل يشتمها بداخله محاولاً اخفاء حقيقة أنهُ يحتاج للابتعاد فوجودها بجانبه و تخيلها تنام بمنزله اصبح يتعبه من كثرت تلك الافكار المتضاربة..تنهد ليسير في الطريق من دون هدف غير عابث لبعض المارة الذين يحدقون به بحيرة ..

_______

منتصف الليل..

اعادت ياسمين سؤالها للمرة العاشرة لندى قائلة

- " ندى هل أنت متأكدة بأنك لم تري أين اخفاه.."

صوت تأفف ندى جاء واضحاً لتردد

- " ياسمين أريد أن اسهر بهدوء غداً هو الجمعة هذا يعني أنه عطلة..كفي عن تكرار نفس السؤال أنا لا اعرف حقاً أين اخفى أيمن الملف الأخضر.."


قالتها و هي تشيح رأسها جانباً تنفخ وجنتيها بحنق وهي تجلس مرتاحة في سريرها المريح بملابس النوم المريحة

فيما شعرها الاسود كان مرفوع إلى الأعلى بمشبك شعر..

احست بثقل ياسمين على الفراش و هي تجلس بجوارها لتقول لها من دون اقتناع

- " ندى كوني معي ارجوك..ألسنا اختان..؟..أليس ما يفعله أيمن بي يعتبر جرم في حقي.."

اكملت بحزن و أسى

- " حبيبتي أنهُ يدعي أنه لا يعرف أين هذا الملف المهم حتى أنهُ يدعي أنهُ لم يحتفظ بنسخة له في حاسوبه مع اني متأكدة انهُ قام بمسحها..هذا الملف مهم جداً ويحتاج لأيام كي نعيد عمله مرة أخرى يحوي على امور كثيرة و .."

قطعتها ندى محركة رأسها نحو ياسمين لتقول

- " أليس هذا هو عملك بعد أن اخرجت أيمن من منصبه..اذن قومي باعادته مرة اخرى.."

شهقت بخفة لترد متجاهلة محاولة ندى لأشعارها بالذنب

- " لماذا اعيده ..لقد رأيته البارحة يحمل ملف اخضر بين يديه وأنت رأيته معي و لحقته ايضاً بينما لم افعل أنا ذلك لابد أنك رأيتِ أين اخفاه.."

- " يا الله ..كم على أن اكرر .."

رفعت رأسها لتكمل بنزق

-" نعم لحقته ..لكنني لم ارى اين ترك الملف ..ثم قد يكون ملف آخر ألا يوجد ملف أخضر غير ذاك.."


اتسعت عينيها لتقول بحقد

- " لا ..أنهُ يعرف بأن بهذا الوقت بالذات ستحتاج الشركة للبيانات داخل هذا الملف و يبدو انهُ قضى ايام في ترتيبه ويريد أن يضعني بمصيبة حين يخفيه .."


بدون اهتمام رددت

- " قومي بإعادته من جديد أنه عملك.."

سحبت هاتفها النقال لتعبث به قليلاً دون أن تهتم لصدمة التي حلت على ياسمين ..ثوان حتى بدأت تستوعب جمود ندى معها أنها لا تعيرها اهتمام كفها ارتفعت لتلامس كتف ندى لتقول بقهر

- " ندى..الستِ أختي..اشعري بي فقط ..لماذا يفعل أيمن هكذا معي..؟.معاملته غير عادلة أنهُ يتعمد تكثيف العمل لدي لينتقم مني ..قفي معي ارجوك.."

احست بيدها تقع على السرير حين ابتعدت ندى لتعدل جلستها طاوية ساقيها تحتها ..عينيها ركزتا في ملامح ياسمين لتنظر لها لثوان هاتفة

-" وماذا عنك..؟..ما تفعليه مع أيمن أليس جرم !.."

احست ياسمين بالدماء تتجمد بعروقها ليس خوفاً بل دهشة!..ندى لم تكن تعارض ياسمين يوماً و لا بكلمة واحدة

والآن و من اجل من..!..رمشت ببطء لتسمع لأختها تكمل

- " و لا تمثلي الظلم وأنك بحاجة إلي و من نحو ذلك.."

اقترب رأسها نحو رأس اختها لتكمل بتصميم

- " قد اكون صغيرة لكنني اعرف أنك خبيثة اختي..ماكرة و مخادعة لدرجة انك خدعت عمي ..تثيرين جنونه ابنه بذكاء بينما تتصنعين الضعف امام عمي لتستولي على حبه ال.."

-" سخف.."

قاطعتها و هي تقف من على السرير بشموخ لتكمل

- " ندى من الأفضل أن يكون فمك مغلقاً باحاديث كهذه.."

- " لا تقلقي لم افقد صوابي لأخبر عمي بأن ابنه مظلوم.."

اطلقت صوتاً معترضاً لترد

- " استيقظي..أنهُ ليس مظلوم ليس لهذا الحد..أنا دائما أليفة ندى.ناعمة مع الجميع و مخالبي لا تظهر إلا لمن هم كأيمن ما كنت لاقترب نحوه لو كان يمتلك ذرة رجولة.."

و بشموخ اكملت

- " ثم عليك أن تحمدي الله أن لديك اخت قوية و إلا ما كنا نستطيع أن نكمل حياتنا في ذاك البيت مع والدنا السكير.."


اكملت كلماتها و هي تخرج من الغرفة بعد أن فقدت الامل بأختها..نفخت وجنتيها بقهر لتكشر بعدها بغضب اوراقها اصبحت شبه مكشوفة امام اختها تخشى فقط أن تكشف امام عمها اما انور فهي تضمن بقاء فمه مغلقاً..نزلت السلالم تجر قدميها وهي تضم الوشاح إلى كتفيها ليزيدها دفئاً..

سارت بالصالة محدقة بالخادمتين اللتين تمسحان التحف في الليل !!..بهدوء نطقت

- " أنور ..ألم يعد بعد للقصر..؟.."

نظرت لها احدى الخدم لترد

- " منذُ نصف ساعة عاد..لقد اتجه لمكتب السيد حلمي.."

هزت رأسها بالايجاب لتشعر بالذنب اتجاه هذا الرجل ..فبعد اختفاء الملف من درج مكتبها في شركة وهو يجتهد في العمل

يقوم بعملها و يدربها بنفس الوقت ..رغم أن الملف مفقود فقط من يومين ..يومين وهي تموت من كل الوساويس التي تضرب رأسها فاحساس يخبرها أن أيمن هو من اخذ الملف من مكتبها بل هي متأكدة لكنها لا تملك الدليل..سارت نحو مكتب السيد حلمي لتقف عند إطار الباب المفتوح ابتسامة باهتة زينت شفتيها حين رأته منهمك بالعمل ..كوب القهوة الحار والأبخرة تتصاعد منه ورأسه يدنو اكثر و اكثر نحو اوراق منتشرة على سطح المكتب لتتحرك اصابعه على لوحة مفاتيح حاسوبه المتنقل بخفة ..اقتربت اكثر لتراقب الانهاك على وجهه

- " مرحبا.."

قالتها بخفة فاجفل و هو يعتدل بجلسته احبت ابتسامته رغم الانهاك الذي هو به اقتربت اكثر ليلامس جسدها حافة المكتب اسبلت اهدابها بخجل لتردد بصوت محرج

- "أنا آسفة..الحق علي لم انتبه كان علي ان اضع نسخة احتياطية للملف ولا اعتمد فقط على نسخ أيمن.."

- " لا بأس .."

عينيه كانتا تتحاشا النظر لجسدها محاولاً التركيز بقدر الامكان بكارثة الملف المفقود لكنها لم تساعده ابداً وهي تقترب لتجثو امام ركبتيه لتنطق مواصلة بحزن

- " كل شيء مرمي على ظهرك أنت..حتى خلال ذاك الشهر الذي حصلتُ به على المنصب لم اعمل إلا القليل..أنت تعلمني كثيراً بالاضافة إلى عملك أنا حقاً محرجة منك.."


كانت تكلمه بوجه القطة المدللة و رغم أنهُ يدرك ما تخفيه إلا أنهُ يتأثر امام سحر كلامها العذب و هي ترفع كتفيها الرشيق لتبتسم له بدلال..سحب كرسيه ذو العجلات قليلاً وكأنهُ سيتمكن من استنشاق الهواء ..عينيه المتعبة نظرت لها

- " أنا اثق بك.."

اشرقت ابتسامتها وهي تضم كفيها مع بعضهما البعض تسمعه يكمل

- " لديك مهارات كثيرة فقد عملت من قبل بشركة معروفة ..خلال فترة بسيطة ستكونين مديرة قسمك بنجاح..وافضل من أيمن أيضاً.."

اطلقت ضحكة تعبر عن فرحها لترد لهُ بحماس

- " نعم ..أنا افضل من ايمن بمائة ألف مرة.."

ضحكة قصيرة انفلتت منه ..ليقطعها من نظرة عينيها و هي تحدق به بدهشة لتقول

- " تبدو رائع و أنت تضحك.."

انحسرت ابتسامته ليطغو صوت أيمن على عقله..مستحيل لن يفكر بفتاة يفكر بها اخاه..لا و ألف لا لن يخسر اخاه من اجل امرأه..حتى لو كان عليه التضحية احس بجسدها يعتدل لتقف من على الأرض يدها استقرت على كتفه ببعض القوة لتقول بحزم و عينيها تبرق بحماس

- " اصعد لتنام..ضع امر الملف علي ..ٍسيكون في الغد بمكانه المناسب.."

حاجبيه ارتفعتا باستغراب فضحكت و هي تقول

- " أنت تثق بي..هيا أذن تبدو متعب جداً..اصعد لغرفتك لترتاح.."

- " أنت لن تستطيعي اكمال اعداد الملف بمفردك.."

بخبث ردت

- " ومن قال لك أني سأكمل الملف"

- " وماذا ستفعلين اذن ..؟.."

اختفى البريق من عينيها فجأة ليتحول لارتباك فتنطق

- " اه..لا اعرف..اقصد سادبر الامر..سأعثر على الملف.."

حاولت اقناعه لكنهُ قطعها قائلاً

- " لا داعي أن تشعري بالذنب اتجاهي سأكمل العمل .."

قطعته بسرعة لتردد

- " أنا لا اشعر بالذنب عليك الآن..أنا قلقة على صحتك و وقوتك.."

صوتها الحنون لامس مشاعره المتضاربه فاخفض رأسه ليعاود العمل بهدوء قائلاً

- " سأواصل.."

حسم الأمر نهائياً لتخرج من المكتب باحباط..سارت على الممر الطويل تفكر بأكثر من فكرة تحاول دمج اكثر من فكرة مع بعضها البعض بعجز هدأت لثوان لتفكر بحل آخر..الملف لازال بحوزة أيمن ..هي متأكدة من ذلك توسعت عينيها لتذكر أن لأيمن مكتب خاص داخل جناحه بخطوات سريعة صعدت السلالم قلبها كان يدق حماساً خاصة أنها تعرف أن أيمن لا يعود إلا في وقت متأخر اكثر ..ابتسامتها اتسعت و هي تقف أمام باب غرفته بالحقيقة أنها ليست غرفة فقط بل تقريباً جناح واسع لكنه عبارة عن غرفة واسعة بحمام ملحق ومكتب فقط .. ..نظرت يميناً ويساراً بحذر حذرة من أن يرآها أحد و هي متسللة لبيت الأسد..الوقت متأخر الآن و أنور منغمس في العمل هذا اهم شيء.. وجدت نفسها تفتح باب الغرفة المفتوح لتدخل إليها غير مهتمة بديكورها الفخم..بل عينيها نظرت نحو باب المكتب لتسرع إليه ضاغطة على معصم بابه لتجده مغلقاً كما توقعت.. لم تنطفئ ابداً شعلة الحماس بعينيها و بسرعة خطيرة كانت تبحث عن المفتاح بين اغراضه داخل الادراج بين ملابسه ثم وأخيراً وجدته اسفل فراش نومه لم تفرح كثيراً و هي تشعر أن الوقت ضيق و بأقل من دقيقة كانت تفتح باب المكتب لتدخل فوراً تاركة المفتاح في قفله دافعة الباب خلفها..اطلقت تنهيدة عميقة مبتسمة بنصر لتفتح النور متجهة بسرعة باحثة بين الادراج عينيها كانتا متشنجتان حتى أنها شعرت بالتعب لكنها لم تيأس ..لم تعرف كم مر من الوقت و هي مشغولة في مكتبه لتسحب اخيراً الدولاب الخشبي بحذر ..اللون الاخضر للملف كان مميزاً جداً خلف الدولاب ..كم هو شعور رائع و كأنها عثرت على منزل من الذهب.. فقط تتخيل شكل انور و ابتسامته الفرحة ..سحبت الملف لتقفز بانتصار عدلت من ياقة بلوزتها الناعمة لتتجه نحو الباب بثقة و بخفة داست على معصم الباب ارتفعت حاجبيها بحيرة لتعاود الضغط مجدداً لكن ابداً لم تكن مخطئة فهو لا ينفتح بقوة اعادتها ..ثم بقوة اكثر..لتشعر فجأة بالعرق يغزو جسدها فتبرد يدها عاجزة عن فتح الباب..مغلق..اعادت حركات يدها بيأس قبل أن تـنفلت يدها عاجزة عن الضغط اكثر برودة اصابت اطراف جسدها و هي لازلت تمسك بالملف بصعوبة حتى أن وشاحها سقط تحت قدميها دون أن تشعر به..ركبتيها بالكاد استطاعتا أن تحملا جسدها على صوت خطر تخلخل لمسامعها ليهز قوتها بالفور " فخ ..!..لم انصب لك فخاً..لكنك دخلتي عرين الأسد بقدميك.."وضعت كفها على فمها تكتم شهقتها على صوته الذي وصل إليها من خلف الباب احست بحركة خفيفة للباب حين اتكأ بكل وزنه عليه مكملاً " اممم..مع الاسف لا اتناول لحوم البشر.."اجفلت لتستوعب كلامه المستهزئ و من بين ارتجافها نطقت " افتح الباب أيمن..ازداد صوتها ارتفاعاً و هي تكمل..إن لم تفتح الباب أنا..." قطعها بهدوء بغيظ " أن لم افتح الآن الباب ستشكيني عند والدي صحيح..؟..!.." لم يسمح لها بالرد حين اطلق ضحكة رنانة ساخرة مكملاً " ليس كل مرة ياسمينة ابي .قد تكونين ماكرة إلا أن حلمي ناصر لن ينخدع بك..أنهُ فقط يُدللك على حسابي .." احست أن أعصابها تالفة تماماً حتى أن عينيها بدأتا تحرقانها رغبة بنزول بعض الدموع ليس خوفاً بل قهر وعجز..تمسكت بالملف بإحدى يديها بقوة لتفرك عينيها بعنف مستنشقة الهواء " افتح الباب.." رددتها بخفة قبل أن يرتفع صوتها صارخة لتقول مندفعة " يا حقير افتح الباب ..افتح وإلا اقسم بأنني سأحوم حولك كالنحلة و كما طردت من الشركة ستطرد من القصر .. وأيضاً لن اكتفي بهذا سأفعل المستحيل أيمن ..افتح الباب.." ضحكته المتكررة اثارت جنونها خاصة و هو يقول "حتى بين مخالبي و تمتلكين اطول لسان.. اخبريني فقط ما افعله معك ..هل ادخل إليك الآن و اعلمك معنى التطفل..!.. أم احتجزك لأيام في مكتبي من دون هدف..اممم.. ما رأيك أن اكون لطيفا و .."ابتسم بخبث و كأنها تراه ليكمل بتهديد " اكون لطيفا و أنادي والدي فقط ليرى ياسمينته التي يثق بها" ..." افعلها .." اعتدل من وضعيته على الباب الذي يفصل بينهما ينظر لخشبه الثقيل متخيلاً منظر ساحرته و هي تقول له بثقة " افعلها.." انحسرت ابتسامته على صوتها الماكر من خلف الباب و هي تكمل " افعلها أيمن ..و أنا سأخبر عمي باللص الذي سرق الملف ليخبئه بطريقة فاشلة.." عضلات جسده تشنجت لتتوسع عينيه السوداء على صوتها و هي تكمل بخبث " افتح الباب أيمن..بكل هدوء.." كز على أسنانه ليصدر صوت احتكاكهما فينطق بخطورة " لقد نسيت من أي كومة مخلفات انتزعك والدي..لقد طال لسانك حقاً يا ابنة السجين.." كفها اتكأت على خشب الباب دون تأثر ..فتلك الكلمات لطالما سمعتها و لم تعد تتأثر بها لكنها لم تمنع لسانها من القول " و أنا اتوق لأنادي طفلتك..بابنة الفاسق الشيطان.." تراجع جسدها إلى الوراء على ضربة كفه القوية على الباب ليهتز بقوة..الدماء كانت تفور بعروقه و هو يدير مفتاح الباب ليندفع مهرولاً نحوها لم يسمح لها بأن تصرخ حيث امتدت ذراعه بقوة لتحيط بوسطها بعنف فتمتد كفه نحو مفتاح النور يدوس عليه فينطفئ ..


..اه ..تأوهت من قبضته الحديدية و هي تحاول دفعه إلا أن انغلاق النور كان كفاياً ليشعرها بالضياع احست بجسده الصلب يمسك جسدها بقوة فتحاول دفعه بقوة اكبر حتى انها لم تبالي بالملف الذي سقط من يدها مستسلماً..لم تكن ترى شيء فقط تشعر بانفاسه الحارة على وجهه و جسده الضخم الذي يحاول تثبيت جسدها

اطلقت صرخة عنيفة ليكتمها بشفتيه مقبلاً إياها بعنف فيصدمها بهجوم ضاري..يالله لم تتوقع أن تصل الأمور هكذا أن تتحرش يوما من ابن عمها الذي لم يعطيها فرصة بالاستسلام والخوف يعصف بخلايا جسدها فتدفعه بصعوبة إلا انه كان اقوى مما كانت تتخيل و هو يمرر يديه بين خصلات شعرها يشده بقوة مثبتا رأسها بعنف و يده الاخرى تحاط بوسطها ليجذبها لجسده بثبات قدميه تحركتا فيدفع جسدها نحو الأرض..بالضبط خلف مكتبه الضخم لم يكن يرى شيء إلا أن يعرف كل خطوة بهذا المكتب بمجرد الاحساس..حرر شفتيه من شفتيها مفلتاً يديه عنها و هو منحني إلى الاسفل ليترطم رأسها بالأرض..كم تمنى لو انهُ يستطيع رؤية دموعها لكن الظلام يمنعه حتى من رؤية ملامح وجهها بينما كانت هي تعيش حالة من الصدمة ..احست باختناق و هي بين يدي رجل مثله .." ابتعد عني.." شتمته بقوة و هي تحاول الوقوف إلا أن رأسها صدم بشيء صلب مرة اخرى كأنه كرسي المكتب ..اه اطلقت تأوه حين احست بكفيه تعتصرا ذراعيها بعنف تلقائياً كانت تحاول فتح عينيها بقوة و كأنها ستستطيع الرؤية..لم تنزل منها دمعة واحدة و هو يحرر احدى يديه ليمررها على خدها فلا يشعر بأي دمعة ..صوت انفاسها المنهكة كانت تصل إليه فيبعد يده ليدسها بجيبه مخرجاً هاتفه النقال ليشغل الضوء به مرر ضوء هاتفه على وجهها لينظر لعينيها الزرقاء تحدق به بصدمة ..

- " كم هو عقاب ممتع..!.."

نطقها باستفزاز ليترك هاتفه على الأرض وضوئه الخافت يزيد من الجو رهبة..حرر يده الاخرى منها فسحبت جسدها إلى الخلف بعد أن عجزت عن الوقوف على صوته المخيف

- " تمتلكين شفتان لذيذة..ارتفعت اصابعه لتمر بشكل طولي على انفها فتنزل حتى شفتيها و هو يكمل بهمس..اخ اخشى ان يتغير ذوقي لشقروات مثلك.."


ابتلعت ريقها بصدمة ورأسه يميل نحو خدها ليلامس خده الخشن بخدها الناعم لتستقر يديه اخيراً على كتفيها مواصلاَ همسه ليبدو هذه المرة مختلفاً و كأنهُ نسي العالم حوله وهو بين يدين شقراء جميلة

-" فلتتمني أن لا اغير ذوقي ياسمينا ..تمني كل يوم..فأنه لو حدث ذلك ستكونين اول من ينام على فراشي في جناحي و بمملكتي هذه .."


كأن احد رمى عليها بكوب ماء بارد لتتسع عينيها بقوة ..صرخة اطلقتها و هي تستغل حالة الهذيان الغريبة لتدفعه بعنف عنها تفقد صوابها و هي تصرخ بجنون

- " لاا. ابتعد..ستندم يا أيمن ..اتركني.."

من يرآها الآن لا يصدق أنها ياسمين القوية قبل قليل لسان سليط طويل فقط تحارب به و لا يوجد لديها حامي غير عمها

و لم تفكر كثيراً و هي تحاول الوقوف فتصدم باشياء صلبة ..صرخت بجنون لتشعر بيده تمر بخشونة على ذراعيها المكشوفتان ناطقاً بتلذذ

- " الفاسق سيعلمك الفسق .."

اه ..حقاً شعرت بالعالم يسود بعينيها متلقية الهجوم من كل ناحية بينما تعجز عن رؤية شيء..مقاتلة رجل امر خطير..ادركت ذلك و هي تصرخ لعل احد يسمعها تحاول دفع يديه التي تمر على اجزاء جسدها المكشوفة و قد بدات عينيه تلمع بمزيج من الانتقام و كأنهُ داس على ذاك السحر الذي كان يسيطر عليه بقوة ليستمتع الآن بزلزت ثقتها ..اصوات خفيفة تخلخلت إلى مسامعها قبل أن تشتد اكثر ليتبدد الظلام فجأة و كأن النور اعاد إليها قوتها حيث دفعته بقوة مستغلة دهشته من النور الذي اضاء فجأة احس بذراع قوية تنتزعه بقوة من مكانه قبل أن تديره يداً غاضبة لينتفض على اثرها انور..نطقت ياسمين من بين شفتيها المرتجفة و قد سكن جسدها على الارض تنظر لأنور أمامها بحالة غريبة ..فعينيه مختلفتا جداً مزيج من الغضب و والجنون معاً اما قبضتا يديه كانت لازالت تشد قميص أيمن ليردد بهدوء ليصدمهما الاثنين معاً

- " اعتذر.."

حاجبي ياسمين ارتفعتا بصدمة ليفوق أيمن محرراً يديّ اخيه من قميصه اخفض رأسه للأرض لينطق

- " أنا آسف .."

كاد قلب ياسمين أن يرقص من الفرح لكنه اكمل بتصميم

- " أنا آسف أخي لأن طلبك مرفوض..لم اعتد على الاعتذار.."


صوت اقدام تقترب من المكتب جعلت ياسمين تهب واقفة على قدميها تعدل من ملابسها فوراً ليطل السيد حلمي بتلك اللحظات ابتلعت ياسمين ريقها بصعوبة ليتجمد ايمن و كأن مصيبة حلت على رأسه حرك عينيه نحو انور

كأنه يطلب منه انقاذه صوت والده جاء متساءل بحذر

- " ما الذي يحدث..؟..لما انتما الثلاثة مجتمعين هنا .."

اكمل كلامه موجهه لأنور

- " قالت لي الخادمة بأنك سألت على ياسمين وصعدت راكضاً إلى الاعلى هل حدث شيء..؟.."


لم يرد أنور و هو يحدق بوالده فالحقيقة أن الخادمة اخبرته حين سألها عن ياسمين بأنها رأتها تتسلل إلى جناح أيمن لقد فهم أنها تعتقد أن اخيه لم يعد للقصر ..صوت والده العالي و هو يسأل بحزم ايقظه

- " فليقل احدكم شيء...."

تقدم خطوة و عينيه تشتعل غضباً ليهتف

- " ياسمين هل فعل لك أيمن شيء..هل آذاك الحقير.."

رمشت بصعوبة محدقة بعمها أنها فرصة..فرصة بأن تنزل دموعها التي حبستها بصعوبة لتبكي قائلة كل شيء..شفتيها انفتحتا بخفة لتبتسم بمكر داخلها إلى اللقاء أيمن..انتهيت..هذا ما فكرت به وهي ترتب القصة باضافة كافة الحوائج لها..

انتهى الفصل





   سلمى سمير
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع روايات سلمى سمير .

جديد قسم :

إرسال تعليق